الخصومة- لا يبرأ الكفيل؛ لأنه لم يسلمه إليه ولا أحد من جهته، فلو مات المكفول ببدنه- نظر: إن كان قبل ثبوت الحق-: فلا شيء على الكفيل، فلو قال المكفول له: لي بينة يشهدون على يمينه-: عليه إحضاره ميتاً، إن كان قبل الدفن، وإن كان بعد الدفن- فلا نبش، وإن كان بعد ثبوت الحق، فهل يطالب الكفيل بالمال؟ فيه وجهان:
أظهرهما- وبه قال أبو حنيفة،- رحمة الله عليه-: لا يطالب به؛ لأنه لم يضمن المال.
والثاني: يطالب، وبه قال مالك- رحمة الله عليه- لأنه المقصود من الكفالة، فعلى هذا: ماذا يلزمه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب عليه تمام الدين.
والثاني: عليه أقل من دية نفسه أو الدين؛ بناءً على أن السيد إذا اختار فداء العبد الجاني، بماذا يفدي بقيمته أو بأقل الأمرين؟ فيه قولان.
وإن غاب المكفول ببدنه؛ حيث لا يعلم مكانه أو أخفى نفسه-: لا يكلف الكفيل إحضاره؛ لأنه غير قادر عليه، وهل يجب على الكفيل المال-: يرتب على الموت، إن قلنا هناك: لا يجب فههنا-: أولى؛ وإلا فوجهان.
والفرق: أن هناك وقع اليأس عن وجوده؛ فلزمه المال، وههنا: لم يقع.
ولا تصح كفالة البدن؛ إلا برضى المكفول ببدنه؛ لأنه لا يمكنه إحضاره، إذا تكفل بغير إذنه، ولا تلزمه الخصومة بقوله بخلاف ضمان المال-: لا يشترط فيه رضا المضمون عنه؛ لأن أداء الدَّين ممكن من غير حضوره.
وقيل: إذا كان بعد ثبوت الحق، وقلنا: إذا تعذر الوصول إلى المكفول ببدنه-: يجب المال على الكفيل، وتصح الكفالة بغير إذن المكفول ببدنه، ثم إذا طالبه بالحضور، فلم يحضر يغرَّم المال، وإذا تكفل ببدن من عليه دين مجهول-: فالمذهب: أنه يصح؛ لأن الكفالة بالبدن لا بالدين.
وقيل: إذا قلنا: إذا مات المكفول ببدنه، يجب المال على الكفيل-: فلا تصح هذه الكفالة؛ كما لو ضمن ديناً مجهولاً، ولو تكفَّل ببدنه بشرط أنه إذا عجز عن تسليمه أدَّى الدَّين، هل يصح أم لا؟
إن قلنا عند الإطلاق: إذا عجز يلزمه الدَّين-: فيصح؛ لأنه صرح بمقتضاه.
وإن قلنا: لا يلزمه-: فلا تصح الكفالة للشرط الفاسد.