للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصحهما: للموكل؛ كما لو قبل للغير النكاح بالوكالة: يقع العقد للموكل؛ يدل عليه: أنه لو وكله بشراء عبد، فاشترى الوكيل أبا نفسه: لا يعتق عليه.

والثاني- وبه قال أبو حنيفة، - رحمة الله عليه-: يقع للوكيل، ثم ينتقل للموكل بخلاف النكاح؛ فإنه لا يقبل النقل من ملك إلى ملك، وملك اليمين يقبل النقل.

ولو وكل وكيلاً بشراء شيء في الذمة، فهل للبائع مطالبة الوكيل بالثمن؟ نُظر: إن لم يعلمه وكيلاً من جهة الغير: له مطالبته بالثمن، وإن علمه وكيلاً من جهة الغير: ففيه أوجه:

أحدها: يطالب الوكيل؛ لأنه عقد معه، ولم يكن له مطالبة الموكل.

والثاني: يطالب الموكل؛ لأن الملك وقع له.

والثالث: له أن يطالب أيهما شاء، وهو الأصح؛ فالوكيل كالضامن، والموكل كالمضمون عنه؛ فللمضمون له أن يطالب أيهما شاء، فإن أخذ من الوكيل: رجع الوكيل على الموكل، وإن أخذ من الموكل: لا يرجع على الوكيل؛ كالضامن مع المضمون عنه، ولو وكله ببيع شيء، وأخذ ثمنه، فباعه، ثم خرج المبيع مستحقاً بعدما تلف الثمن: رجع المشتري على الوكيل بالثمن الذي دفع إليه، ثم الوكيل يرجع على الموكل؛ لأن العهدة عليه.

ولو دفع إليه عشرة دنانير؛ ليشتري له بعينها عبداً، فاشترى، ثم تلفت العشرة قبل تسليمها إلى البائع: انفسخ العقد، ولا غُرم على الوكيل، ولو تلفت قبل الشراء: انعزل الوكيل.

ولو وكله ليشتري في الذمة، وينقد العشرة في ثمنه، فتلفت العشرة في يد الوكيل بعد الشراء: لا ينفسخ العقد، ثم فيه وجهان:

أحدهما: العقد يلزم الوكيل، وعليه الثمن من عنده.

والثاني: يجب على الموكل الثمن؛ لأن العقد ملزم وقع له.

ولو تلفت العشرة قبل الشراء، ثم اشترى: فعلى هذين الوجهين:

أحدهما: يقع العقد للوكيل، وعليه الثمن.

والثاني: يقع للموكل، وعليه الثمن.

ولو وكل رجلاً ببيع شيء، فباعه ثم رده عليه بعيب، أو وكله ببيع شيء بشرط الخيار، فباعه، ثم فسخ البيع: لا يجوز له أن يبيع ثانياً؛ لأنه كان وكيلاً بالبيع الأول، فإذا باع صار معزولاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>