وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: يجوز أن يبيعه ثانياً.
فصلٌ في الاختلاف
إذا كان في يده مال لغيره، وادعى رده إلى مالكه: هل يقبل؟ نُظر: إن كان مضموناً عليه؛ كالمغصوب والمستام والمستعار: لا يقبل قوله؛ بل القول قول المالك مع يمينه؛ لأن يد هؤلاء يد ضمان، والأصل بقاء الضمان، وإن كان أمانة في يده- فلا يخلو-: أما إن ادعى الرد على من ائتمنه أو على غير من ائتمنه؛ فإن ادعى الرد على من ائتمنه: فهو على أضرب:
أحدها: أن يكون أخذه لمنفعة الدافع؛ كالمودع والوكيل بلا جعل، إذا ادعيا الرد، وأنكر المالك: فالقول قولهما مع يمينهما؛ لأنهما أمينان، والأصل بقاء أمانتهما.
الضرب الثاني: أن يأخذه لمنفعة مشتركة بينه وبين الدافع؛ كالأجير المشترك على قولنا: إن يده يد أمانة، والعامل في القراض والوكيل بالجعل، هل يقبل قولهم في الرد؟ فيه قولان:
أحدهما: لا بل القول قول الدافع مع يمينه؛ لأن الآخذ أخذه لمنفعة نفسه، وهو حصول الأجرة له.
والثاني: القول قول من يدعي الرد؛ لأن أخذ هؤلاء لمنفعة المالك، وحصول الأجر، ولهم بعملهم فانتفاعهم بالعمل في العين.
أما العين: فلا منفعة لهم فيها بخلاف المرتهن والمستأجر: إذا ادعيا الرد اختلف أصحابنا فيه.
قال العراقيون: القول قول المالك مع يمينه؛ لأن المرتهن والمستأجر أخذاه لمنفعة أنفسهما؛ كالمستعير.
وقال الخراسانيون من أصحابنا: القول قولهما مع يمينهما؛ لأنهما أمينان كالمودع.
قال الشيخ: هذا إذا قلنا في القسم الثاني: يقبل قولهم: فإن قلنا في القسم الثاني: لا يقبل قولهم، مع كون المنفعة مشتركة: فههنا: أولى ألا يقبل مع كون المنفعة خاصة لمن يدعي الرد.
أما إذا ادعى الرد على غير من ائتمنه؛ كالوصي والقيم، إذا ادعيا دفع المال إلى اليتيم