بعد البلوغ: لا يُقبل قوله؛ هذا هو المذهب؛ لأن الله تعالى قال:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[ألنساء: ٦]، ولو كان قوله مقبولاً: لم يأمر بالإشهاد.
وقيل: يقبل قوله؛ لأنه أمين؛ كما يقبل قوله في قدر ما أنفق وليس بصحيح.
والمذهب الأول؛ بخلاف قدر ما أنفق؛ لأن الإشهاد على قدر ما ينفق عليه كل ساعة تشق عليه؛ فسقط عنه، وقُبل قوله، وكذلك: الملتقط الذي أخذ اللقطة بنية التعريف، أو من ألقت الريح ثوباً في حجره، إذا ادعى الرد: لا يُقبل قوله، هذا هو المذهب؛ لأنه يدعي الرد على غير من ائتمنه، ثم كل من قبلنا قولنا من هؤلاء في الرد: هل له أن يمتنع من الرد إلا بالإشهاد، سواء كان على الآخذ شاهد، أو لم يكن؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له الامتناع؛ لأن قوله مقبول في الرد.
والثاني: له ذلك؛ دفعاً لليمين عن نفسه.
أما من لا يقبل قوله في الرد- نُظر: إن كان على الآخذ شاهد: له أن يمتنع من الرد بالإشهاد، وإن لم يكن على الآخر شاهد: فعلى وجهين.
أصحهما له ذلك؛ لأن قوله في الرد غير مقبول.
والثاني: ليس له ذلك؛ لأنه يمكنه أن يقول في الإنكار: لا يلزمني تسليم شيء إليك، حتى يقبل قوله.
وكذلك المديون إذا امتنع عن أداء الدين إلا بالإشهاد: إن كان على الدين شاهد: له ذلك؛ وإلا فعلى وجهين.
فصلٌ
ولو أن رجلاً دفع مالاً إلى رجل؛ ليدفع إلى غيره قضاء عن دينه، فاختلفا، فقال الوكيل: دفعته إليه، وأنكر رب الدين: لا يقبل قول الوكيل على رب الدين؛ لأنه لم يأتمنه، بل القول قول رب الدين، مع يمينه، فإذا حلف- رجع على الموكل، ولا يرجع على الوكيل؛ لأنه لا شيء له على الوكيل، ثم الموكل هل له أن يرجع على الوكيل بما دفع إليه؛ لترك الإشهاد على الدفع إلى رب الدين؟ نُظر: إن كان الوكيل دفع إلى رب الدَّين بحضرة الموكل: ليس له أن يرجع على الوكيل؛ لأن الاستيثاق بالإشهاد كان على الموكل؛ نظراً لنفسه.