وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لأنيس الأسلمي:"اغد، يا أنيس، على امرأة هذا؛ فإن اعترفت فارجمها".
ففي الكتاب والسنة دليل على قبول إقرار الإنسان على نفسه، ثم من كان مكلفاً مطلقاً: يصح إقراره على الإطلاق، وغير المكلف: لا يُقبل إقراره على الإطلاق، وهو الصبي والمجنون، فأما المكلف المحجور عليه: يُقبل إقراره في بعض الأشياء؛ كالمحجور عليه بالسفه: يقبل إقراره في العقوبات والنكاح والطلاق، ولا يُقبل في المال، والعبد يُقبل إقراره في العقوبات والطلاق، ويُقبل في الأموال متعلقاً بذمته، حتى يعتق، وإن أقر بدين جناية، وصدقه المولى: يتعلق برقبته، يباع فيه، وهذه الفصول مذكورة في مواضعها.
ويصح الإقرار مجملاً ومفصلاً.
فإن قال: لفلان علي شيء- يرجع في التفسير إليه؛ فإن فسره بأقل ما يتمول من دانق أو فلس أو تمرة، حيث يكون لها قيمة: يُقبل منه، فإن ادعى المُقر له أنه أراد غير هذا، أو أكثر من هذا: لا يسمع حتى يبين قدره وجنسه؛ فإن بين قدراً وقال: إنه أراد بإقراره كذا، ولي عليه كذا: فالقول قول المقر مع يمينه، ثم إن كان يدعي جنس ما فسره؛ فإن فسره المقر بدرهم، فقال: لي عليه عشرة دراهم، وأراد هو بإقراره: عشرة: يحلف أنه ما أراد إلا درهماً، ولا يلزمه أكثر منه، يجمع بينهما؛ فإن نكل: حلف المُقر له على استحقاق ما يدعيه، ولا يحلف على أنه أراد باللفظ هذا؛ لأنه لا يطلع على ما في ضميره؛ بخلاف ما لو مات المقر. قام وارثه مقامه في التفسير، فإذا فسره بأقل ما يتمول، وادعى المُقر له أكثر: حلف الوارث أن مورثه ما أراد أكثر من هذا؛ لأنه خليفة المورث، وقد يطلع من مورثه على ما لا يطلع عليه غيره.