قال الشيخ- رحمة الله عليه-: وهذا بخلاف ما لو أوصى لإنسان بشيء غير معلوم، وبينه الوارث، فادعى الموصى له أكثر من ذلك-: يحلف الوارث أني لا أعلم أنك تستحق أكثر من هذا، ولا يحلف على ما أراده المورث؛ لأن الإقرار إخبار عن كائن معلوم؛ فجاز أن يطلع عليه الوارث، والوصية إنشاء أمر على الجهالة؛ فكان بيانه إلى الوارث.
وإن كان المقر له يدعي غير جنس ما فسره به مثل: إن فسر بدرهم، وهو يدعي ديناراً، أو ثوباً- نُظر: إن كان يصدقه في تفسير الدرهم: فالدرهم يلزمه، وهو يدعي الدينار، أو الثوب: يحلف المدعى عليه على نفيه، وإن قال: ليس لي عليك درهم؛ بل عليك دينار: يرتد الدرهم برده، ثم يُنظر: إن صدقه أنه أراد بالشيء الدرهم: حلف على نفي الدينار، وإن قال: أردت بالشيء الدينار: يحلف يميناً واحدة أنه لا يلزمه الدينار، وأنه ما أراد بالشيء الدينار، وإن امتنع المُقر من تفسيره: يحبس حتى يفسر؛ كما لو فسره، وامتنع من الأداء: يحبس حتى يؤدي.
وقيل: امتناعه من التفسير إنكار لما يدعيه المقر له؛ فيعرض عليه اليمين: فإن لم يفسر- فهو نكول؛ يحلف المقر له؛ ويأخذ ما يدعيه.
وإن فسره بما لا يتمول- نُظر: إن كان من جنس ما يتمول من زبيبة أو حبات حنطة، أو تمرة، حيث لا يكون لها قيمة، أو قمع باذنجانة: فالمذهب: أنه يُقبل؛ لأنه حرام أخذه واجب رده، وإن لم يكن من جنس ما يتمول من كلب صيد أو جلد ميتة غير مدبوغ أو خمر أو خنزير، أو سرقين: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يُقبل؛ لأن ظاهر إقراره للمال، وهذه الأشياء ليست بمال.
والثاني: يُقبل؛ لأن اسم الشيء يقع على هذه الأشياء.
والثالث- وهو الأصح-: إن فسره بما يجوز اقتناؤه من كلب صيد أو جلد ميتة أو سرقين: يُقبل؛ لأنه يجب رده، وإن فسره بخمر، أو خنزير، أو كلب غير مُعلَّم، أو جلد كلب: لا يُقبل؛ لأنه لا يجب تسليمه، ولو فسره بوديعة: يُقبل؛ لأن عليه ردها إذا طولب بها، ولو فسره بعبادة أو رد سلام: لا يُقبل، وإن قال: لفلان علي حق، ثم فسره به: يقبل.