المستثنى منه أحد اسمي الباقي، فإذا كان لرجل عليه خمسة، فتارة يقول له: عليَّ خمسة، وتارة يقول: عشرة إلا خمسة.
ولو قال: لفلان علي درهم غير دانق: يلزمه خمسة دوانيق، سواء نصب "غير" ورفع أو خفض، ومقتضى النحو: أن ينصب في الاستثناء، فإن رفع يلزمه درهم؛ فيكون معناه: عليَّ درهم لا دانق؛ وبه أفتى بعض أصحابنا، والصحيح: لا يفصَّل في الحُكم؛ لأن ظاهره للاستثناء، وإن أخطأ في الإعراب.
ويشترط أن يكون الاستثناء موصولاً بالإقرار، فإن أقر ثم سكت طويلاً، أو احتفل بشيء آخر، ثم استثنى: لا يصح الاستثناء، ويلزمه ما أقر به.
والاستثناء من الإثبات نفيٌ، ومن النفي إثبات؛ لأنه: لو لم يكن مخالفاً للمستثنى منه: ما كان استثناء.
وإذا قال: لفلان عليَّ عشرة دراهم إلا تسعة إلا ثمانية: يلزمه تسعة؛ كأنه قال: عشرة تلزُمني إلا تسعة لا تلزمني؛ فيبقى درهم، ثم قالك إلا ثمانية تلزمني؛ فيكون مع الدراهم التي نفى: تسعاً.
ولو بدأ بالنفي- نُظر: إن قال: ليس لفلان عليَّ شيءٌ إلا خمسة دراهم: يلزمه خمسة؛ كأنه يخبر عن فراغ ذمته إلا عن خمسة.
ولو قال: ليس لفلان عليَّ عشرة إلا خمسة: لا يلزمه شيء؛ لأن الاستثناء مع المستثنى منه أحد اسمي الباقي، والباقي نفيٌ.
ولا يصح الاستثناء إذا لم يُبق من المستثنى منه شيئاً، فلو قال: لفلان عليَّ عشرة إلا عشرة: لا يصح، ويلزمه العشرة.
ولو قال: عشرةٌ إلا خمسة إلا عشرة، أو: عشرة إلا خمسة إلا خمسة: لا يصح الاستثناء الثاني، ويلزمه خمسة.
ولو قال: عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: عليه عشرة، والاستثناءان باطلان؛ لأن الأول: لما لم يصح، فالثاني يترتب عليه في البطلان.