والثاني: عليه ثلاثةٌ، ويصح الاستثناء؛ لأن استثناء العشرة من العشرة إنما لا يصح إذا وقف عليها، فأما إذا رد شيئاً من الأصل يصح.
والثالث: عليه سبعة؛ لأن الاستثناء الأول لغوٌ، والثاني يقع عن الأصل؛ فكأنه قال: عشرة إلا ثلاثة، ولو قال: عشرة إلا عشرة إلا خمسة، فعلى هذا الوجه الأول: يلزمُهُ عشرة، وعلى الوجهين الآخرين: يلزمه خمسة.
ولو قال: عشرة إلا خمسة، وإلا أربعة، فهما استثناءان؛ عُطف أحدهما على الآخر؛ فيصحان؛ كأنه قال: عشرةٌ إلا تسعة؛ فيلزمه درهم.
ولو قال: عشرة إلا خمسة وإلا خمسة: ففيه وجهان:
أحدهما: عليه عشرة، وبطل الاستثناءان؛ كأنه قال: عشرة إلا عشرة.
والثاني- وهو الأصح-: عليه خمسة، وصح الأول دون الثاني.
ولو ذكر في الاستثناء أو في المستثنى منه عدداً، وعطف البعض على البعض بـ "الواو"، فهل يُجمع؟ فيه وجهان؛ مثل: إن قال: لفلان عليَّ درهم ودرهم ودرهم إلا درهماً.
أحدهما: يجمع؛ فيصير كأنه قال: ثلاثة دراهم إلا درهماً؛ فيلزمه درهمان.
والثاني- وهو المذهب-: لا يجمع؛ فيلزمه ثلاث دراهم؛ كأنه استثنى واحداً من واحد.
ولو قال: لفلان عليَّ ثلاثة دراهم إلا اثنين وواحداً؛ فإن قلنا: يجمع: يلزمه الثلاث؛ كأنه استثنى الثلاث من الثلاث؛ فلا يصح.
وإن قلنا: لا يجمع؛ فيصح استثناء الاثنين، ولا يصح استثناء الواحد، فيلزمه درهم.
ولو قال: هذا القميص لفلان إلا كُمَّيه: كان إقراراً بالقميص، دون الكُمَّين.
ويصح الاستثناء من غير الجنس، فلو قال: عليَّ ألف درهم إلا ثوباً: يجب أن يبين ثوباً إن حُطت قيمته عن الألف: يبقى من الألف شيءٌ، وإن قل.
وقال أبو حنيفة- رحمة الله عليه: لا يصح الاستثناء من غير الجنس إلا في المكيل والموزون.
وعند أبي يوسف ومحمد: لا يصح أصلاً.
ويصح استثناء المُجمل من المجمل، والمجمل من المفسر، والمفسر من المجمل؛ كما يصح استثناء المفسر من المفسر.