وكذلك لو قال: عليَّ ألف إذا قدم فلان، أو: إذا جاء رأس الشهر: لا يكون إقراراً؛ لأن قدوم فلان ومجيء الشهر: لا أثر له في إيجاب المال؛ كما إذا قال: لك عليَّ ألف، إذا حال المطر.
أما إذا قال: له عليَّ ألف إلى رأس الشهر: لزمه؛ كما لو قال: ألف مؤجل.
ولو قال: إن شهد لك شاهدان، أو فلان وفلان بدينار، فهما صادقان، فإن شهدا، لم يكن ذلك إقراراً، لأن تعليق الإقرار لا يجوز؛ كما لو قال: إن شهد عليَّ فلان صدقته، و: ورثته المال، فإن شهدا، وهما عدلان- حينئذ: ثبت المال بشهادتهما، ولو شهد عليه رجل بمال، فقال: هو عدل: لا يكون إقراراً إلا أن يقول: هو عدل فيما شهد عليَّ، وكذلك لو قال: هو صادق: لا يكون إقراراً حتى يقول: هو صادق فيما شهد عليَّ.
ولو قال: كان لفلان عليَّ ألف: فيه وجهان:
أحدهما: يلزمه؛ لأنه إذا قال: هو صادق: كان إقراراً أقر به، والأصل بقاؤه.
والثاني: لا يلزم؛ لأنه لم يقر بلزومه في الوقت، والأصل فراغ ذمته.
فصلٌ
إذا كان لزيد على عمرو دين في الظاهر؛ بأن باعه شيئاً، أو أقرضه، أو أجر منه داراً، فأقر زيد بأن ذلك الدين الذي على فلان هو لفلان: صح إقراره في الحكم؛ كما يصح الإقرار بالعين.
هذا إذا لم يعلم حقيقة أنه للمقر، فإن علم حقيقة أنها للمقر: فلا يصح، ولا يزول ملكه بالكذب.
وكذلك: لو أقر بشيء لآخر، وعلم أنه فيه كاذب: لا يقبل؟ مثل: إن أعتق عبده، ثم أقر له في ذلك المجلس هو أو غيره بمال: لم يصح؛ لأنه- الآن- بالعتق صار ممن يملك، ولم يوجد بينهما معاملة، ولذلك قلنا: لو شهد شاهدان أن فلاناً أقر لفلان بدار، والمُقر كان مالكاً لها يوم الإقرار: لم يصح؛ لأن ما كان ملكاً له، فإقراره به لغيره كذب، وإذا احتمل صدقه: يُقبل؛ فههنا: إذا أقر بثمن الدار أو بالأجرة أو القرض لإنسان: جاز؛ لاحتمال أن زيداً كان وكيلاً من جهة المُقر له في البيع والإجارة والإقراض.
واستثنى صاحب "التلخيص" ثلاث مسائل؛ لا يجوز فيها الإقرار بالدين.
إحداها: أن تقر المرأة بصداقها على زوجها أنه لغيرها.
الثانية: أن يُقر الزوج ببدل الخُلع في ذمة المرأة لغيره.