ولو قال: أنا مقر بما يدعيه، و: لا أنكر ما يدعيه: فهو إقرار، ولو قال: أنا لا أنكر أن يكون محقاً: لم يكن إقراراً؛ لأنه يريد: أنا لا أنكر أن يكون محقاً في اعتقاده؛ فإن قال: لا أنكر أن يكون محقاً في دعواه: كان إقراراً.
ولو قال المدعي: لي عليك ألف، فقال: "بلى"، أو: "نعم"، أو: "أجل"، أو: "صدق" أو: "لعمري"- يكون إقراراً؛ لأن هذه الألفاظ وُضعت للتصديق.
ولو قال: "لعل"، أو: "عسى": لم يكن إقراراً؛ لأنها وضعت للشك؛ كما لو قال: "أظن" أو: "أحسب"، أو: "أقدر": لم يكن إقراراً؛ لأنها خرجت، ولو قال: له عليَّ في علمي: كان إقراراً؛ لأن ما عليه في علمه لا يحتمل إلا الوجوب.
ولو قال: أليس لي عليك ألف؟ فإن قال: بلى: فهو إقرار، وإن قال: نعم: فهو إنكار؛ لأن جواب النفي بالاستفهام يكون بـ "بلى"؛ كما قال الله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢].
ولو قال: هل لي عليك ألف؟ فقال: نعم: يكون إقراراً؛ قال الله تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: ٤٤].
ولو قال: قبضت الألف التي لي عليك، فقال: نعم: كان إقراراً، ولو قال: اشتر عبدي هذا، أو: اعطني عبدي هذا، قال: نعم: كان إقراراً بالعبد للقائل.
ولو قال: اقعد حتى تأخذن أو قال: اعطني غداً؛ أو: ابعث من يأخذه، أو: أجلني يوماً، أو أمهلني حتى أضرب الدراهم، أو حتى يرجع غلامي، أو لا أجد اليوم، ولا يوم التقاضي: فكل ذلك إقرار عند أبي حنيفة؛ وهو محتمل- عندنا- كقوله: نعم.
ولو قال: لي عليك ألف، فقال: خُذ، أو: زنه، أو: اتزنه، أو: استوفه: لا يكون إقراراً؛ لأنه قد يقوله استهزاء ومبالغة في الإنكار.
وقال أبو عبد الله الزبيري: إذا قال: خُذه، أو: زنه، أو: اتزنه: كان إقراراً؛ لأن الكناية راجعة إلى ما تقدم من الدعوى.
ولو ادعى عليه ألفاً، فقال: هي صحاح: لا يكون إقراراً؛ لأن الصفة ترجع إلى ما يدعيه، ولا يقتضي الوجوب.
قال أبو عبد الله الزبيري: يكون إقراراً.
ولو قال: لفلان عليَّ ألف، إن شاء الله، أو شاء زيد: لا يكون إقراراً. لأن ما علق بمشيئة الله تعالى: لا سبيل إليها، ومشيئة زيد لا أثر لها في وجوب الحق عليه.