للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصلٌ

إذا أقر بحرية عبد الغير، أو شهد على حريته، فردَّت شهادته: لا يحكم بحريته، فإذا اشتراه المُقر: يحكم بصحة الشراء، ويعتق عليه بحكم إقراره، وإنما حكمنا بصحة الشراء؛ تنزيلاً للعقد على قول من جعل الشرع القول قوله، ثم هو تبع من جهة البائع، حتى يثبت له الخيار، ولو باع بثمن معين، فوجد بالثمن عيباً، فرده: يسترد العبد، بخلاف ما لو باع عبداً بعرض، فأعتقه المشتري، ثم رد العرض بعيب: يسترد قيمة العبد، ولا يسترد العبد، لأنهما اتفقا على حرية العبد هناك، وههنا: لم يتفقا عليه حتى لو قال البائع في تلك المسألة للمشتري: أعتقته، فأنكر المشتري: فالقول قول المشتري، [و] يحلف على أنه لم يعتقه، ويرد العبد، ويعتق على البائع، أما من جهة المشتريك يكن شراء أم فداء؟ نُظر: إن ادعى على البائع أنك أعتقته- ففيه وجهان:

أحدهما: أنه شراءٌ؛ كما في جانب البائع.

والثاني: هو فداء؛ لأنه مقر بحريته، وشراء الحر لا يجوز؛ فكأنه يبذل مالاً لتخليصه عن الرق.

فإن قلنا: هو شراء: ثبت له الخيار، وإن وجد به عيباً: أخذ الأرش.

وإن قلنا: فداءٌ: فلا خيار له، ولا أرش، وعلى الوجهين: لا رد له، وولاؤه موقوف، فلو مات، وله مال: فماله لوارثه، إن كان له وارث مناسب، وإن لم يكن له وارث يوقف ماله، فإن صدَّقه البائع: رد الثمن والمال له، وإن لم يصدقه: فهل للمشتري أن يأخذ من ماله الأقل أم الثمن أم التركة؟ فيه وجهان:

أصحهما- وهو اختيار المزني، وقول ابن سُريج، وأبي إسحاق: له ذلك؛ لأنه كان كاذباً، فجميع ماله- وإن كان صادقاً-: فالمال للبائع بحكم الميراث، وهو مستحق الثمن على البائع، وقد ظفر بماله؛ فله أخذ حقه منه.

والثاني: لا يأخذ؛ لأنه لا يدري أنه يأخذه من جهة البائع أو من جهة الملك.

قال الشيخ: ويمكن بناؤه على أنه شراء أم فداء لا يأخذه؟ لأنه مقطوع ببذل الثمن.

وإن قلنا: شراءٌ يأخذه، فأما إذا كان المُقر قد قال: إنه حُر الأصل، أو: أعتقه فلان، ثم اشتريته أنت: فهو فداءٌ من جهة المشتري وجهاً واحداً؛ فلا خيار له، ولا أرش، إذا وجد به عيباً.

وإذا اكتسب العبد مالاً، ومات: فلا وارث له؛ فماله لبيت المال، وليس للمشتري

<<  <  ج: ص:  >  >>