والعقار، والعبيد، والدواب، والثياب، ونحوها، أما ما لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها؛ كالأطعمة: لا يجوز إعارتها.
وفي إعارة الدراهم والدنانير وجهان:
أصحهما: لا يجوز؛ كالأطعمة.
والثاني: يجوز؛ لأنه ربما يريد أن يتحمل بها، أو يضرب على طبعها.
وقال أبو حنيفة- رحمة الله عليه-: إعارة النقدين تكون قرضاً، ولو استعار جارية للخدمة، فإن كانت محرماً له: جاز، وإن لم تكن محرماً له: لا يجوز؛ لخوف الفتنة، فإن كانت صغيرة لا تشتهي: فوجهان.
ويكره أن يستعير أحد أبويه للخدمة؛ لأنه يُكره أن يستخدمهما.
وتصح العارية بالقول من أحدهما، وبالفعل من الآخر، فإن قال المستعير: أعرني، فسلمها إليه المُعير، أو قال المعير: أعرتك، فقبضها المستعير: تمت الإعارة؛ كإباحة الطعام: يجوز بالقول من أحدهما، وبالفعل من الآخر.
ولا يشترط في الإعارة بيان المدة: لأنها تبرع؛ متى شاء رجع؛ كما لو قال: ادخل كرمي، وكل ما شئت: جاز، وإن لم يبين، ولو ضرب لها أجلاً: لا يلزم، وعند مالك- رحمة الله عليه-: يلزم.
والعارية مضمونة على المستعير؛ حتى لو تلفت في يده بفعله أو بفعل غيره أو بآفة سماوية: يلزمه الضمان؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- لصفوان:"بل عارية مضمونة".
وعند أبي حنيفة والثوري- رحمة الله عليهما-: العارية أمانة في يد المستعير، فنقول: بعد الخبر أجمعنا على أن المستعير من الغاصب، إذا هلكت العين في يده، وهو جاهل: يستقر عليه الضمان، فلولا أن العارية سبب الضمان: لكان لا يستقر عليه كالمستودع الجاهل من الغاصب إذا هلكت العين في يده: لا يستقر عليه الضمان، ولا خلاف أن الأجراء إذا هلكت في يده بالاستعمال: لا يلزمه ضمانها؛ لأنه كان مأذوناً فيه، ولو تلفت العين بالاستعمال- فالمذهب: أنه لا يجب ضمانها؛ كالأجزاء.
وقيل: يجب ضمان الجزء الذي بقي قبل التلف؛ فعلى هذا: إذا أشرف على الهلاك بالاستعمال: لا يجوز استعماله بعده، ولو تلف الأجزاء بالاستعمال: ففيه وجهان: