أحدهما: لا يضمن؛ كما لو تلفت بالاستعمال.
والثاني: يضمن؛ كالعين إذا هلكت، وهو الأصح.
وإذا هلكت في يده، فأي قيمة تلزمه؟ قيل: يلزمه ضمان الغصب أكثر ما كانت من يوم القبض إلى يوم الهلاك.
والصحيح أنه يعتبر قيمتها يوم التلف؛ لأنا لو ألزمناه الأكثر: أوجبنا عليه ضمان الأجزاء التالفة بالاستعمال؛ وذلك لا يجوز.
ومن قال بالأول قال: الأجزاء تابعة للعين؛ فإن رد العين: سقط ضمان الأجزاء، وإن وجب ضمان العين بالتلف: وجب ضمان الأجزاء.
ولو ولدت العارية في يد المستعير، هل يكون الولد مضموناً عليه؟ فيه وجهان؛ وإن قلنا: ضمان الأصل كضمان الغصب: يكون مضموناً عليه، وإن قلنا: يعتبر ضمانة بيوم التلف: لا يكون مضموناً عليه، ولا خلاف أنه لا يجوز له استعمال الولد.
ولو أعار شيئاً إعارة فاسدة، أو ما لا يجوز إعارته، كالأطعمة وغيرها: يكون مضموناً على المستعير، لأن ما يكون صحيحه مضموناً: يكون فاسده مضموناً.
ومن استعار شيئاً: يجوز أن يستوفي منفعته بنفسه وبوكيله، لأن الوكيل نائب عنه، ولا يجوز أن يؤاجره من غيره، وهل يجوز له أن يُعيره من غيره؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ كما يجوز للمستأجر أن يعير من غيره.
والثاني- وهو الأصح-: لا يجوز؛ لأنه أبيح له المنفعة؛ فلا يملك أن يبيح لغيره كمن أبيح له طعام: لا يملك أن يبيحه لغيره، بخلاف المستأجر: فإنه يملك المنفعة، بدليل أنه يجوز له أن يؤاجر من غيره، ويأخذ عليه العوض، والمستعير: لا يملك أخذ العوض عليه؛ فلا يملك الإباحة.
وإذا رجع المعير عن العارية: يجب رد العارية، ومؤنة الرد تكون على المستعير.
ولو استعار من المستأجر، أو أوصى لإنسان بخدمة عبد أو سكنى دار، فالموصى له أعاره من إنسان: جاز، وهل يكون مضموناً على المستعير؟ فيه وجهان:
أحدهما: بلى؛ كما لو استعار من المالك.
والثاني- وهو الأصح، والمذهب- لا يكون مضموناً عليه؛ لأنه ينوب عن المستأجر، والموصى له في الانتفاع؛ بدليل أن الكراء يستقر على المستأجر بانتفاعه؛ فيده كيد المستأجر والموصى له، ويدهما ليست يد ضمان.