أحدهما: لا يلزمه؛ لأنه لما أعار مع علمه- بان له مع قلع الأشجار؛ فقد رضي بما يحصل بالقلع من التخريب.
والثاني: يلزمه؛ لأن القلع كان باختياره؛ فإنه لو امتنع: لم يجبر عليه.
ومن خرب أرض غيره: يلزمه التسوية، وإن لم يختر المستعير قلع البناء والأشجار: لم يكن للمعير قلعها مجاناً.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه: له قلعها مجاناً، وهو اختيار المزني، وهذه فائدة بيان المدة.
وعندنا: لا يقلعها مجاناً؛ لأنه كان مأذوناً في الغرس والبناء، ولكنه يتخير بين الأشياء الثلاثة، إن شاء أخذها بالقيمة، وإن شاء كلف المستعير قلعها، وضمن أرش النقصان، وإن شاء أقرها بالأجر؛ وكذلك: لو رجع قبل مضي المدة؛ فيتخير في الغراس والبناء، وليس للمستعير أن يقول: إنما أتملك الأرض بالقيمة؛ لأن الأرض أصل؛ لا تتبع الغراس، والغراس تبع؛ فجاز أن يتبع الأرض في التملك؛ كما يتبعها في البيع؛ فإن أراد القلع: لا يحتاج إلى إذن المستعير، وإن أراد التملك بالقيمة، أو التقرير بالأجرة: يحتاج إلى إذنه؛ لأنه بيع وإجارة، وربما يرى المستعير نقله، فإن امتنع المعير عن بذل القيمة وأرش النقصان: فإن دفع المستعير الأجرة: لم يكن للمعير قلعها، وإن امتنع عن بذل الأجرة، هل للمعير قلعها مجاناً؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له ذلك؛ لأن الإعارة تقتضي الانتفاع من غير ضمان.
والثاني: له ذلك؛ لأنه لا يجوز الانتفاع بالعارية بعد الرجوع من غير أجرة.
وإذا اتفقا على بيع الأرض مع الغراس والبناء: جاز، ثم يوزع الثمن على أرض مشغولة بالغراس، وعلى الغراس، فما خص الأرض للمعير، وما خص الغراس للمستعير.
فإذا أراد المعير بيع الأرض: له ذلك، ثم المشتري يتخير في الغراس بين الأشياء الثلاثة، ولو باع المستعير الغراس: ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأن ملكه عليها غير مستقر، وربما يتملكها المعير.
والثاني: يجوز، وهو الأصح، وعدم الاستقرار لا يمنع البيع، كما يجوز للمشتري بيع الشقص المشفوع، مع أن للشفيع أخذه بالشفعة.
ثم المعير مع المشتري يتخير بين الأشياء الثلاثة، وللمشتري الخيار في فسخ البيع، إن كان جاهلاً، ويجوز لمالك الأرض دخول الأرض، وأن يستظل بالغراس، ولم يكن