للمستعير منعه؛ لأن حق المستعير في موضع الغراس، فأما البياض: فلا حق له فيه.
وليس لمالك الغراس دخولها للتفرج، ولا لغير غرض، إلا لتعهد الغراس بسقي أو تلقيح أو جذاذ ثمر؛ فيجوز له دخولها لهذه الأغراض؛ بغير إذن المعير.
وقيل: لا يجوز إلا بإذنه.
والأول أصح.
ولو أعار أرضاً للبناء والغراس مطلقاً، ولم يبين مدة: جاز، وله أن يغرس، ويبني ما لم يرجع المعير، فإن رجع بعد ما غرس وبنى، فيتخير المعير بين الأشياء الثلاثة؛ كما ذكرنا، وإن غرس أو بنى بعدما رجع، وكان عالماً بالرجوع: يقلع مجاناً، وإن كان جاهلاً بالرجوع: فيه وجهان، كما لو حمل السيل نويات إلى أرضه فنبتت.
ولو أعار أرضاً للزراعة، فزرع، ثم رجع المعير، والزرع لم يدرك: لم يكن للمعير قلعه بل ببقيه إلى أوان الحصاد، لأن له وقتاً ينتهي إليه؛ بخلاف الغراس؛ فإنها للتأبيد.
وله طلب أجر مثل ما بعد الرجوع إلى الحصاد؛ لارتفاع العارية بالرجوع.
وقيل: ليس له طلب الأجرة، لأنه أذن فيه مجاناً؛ كما قبل الرجوع.
والأول أصح؛ لأنه أباح له المنفعة إلى وقت الرجوع؛ كما لو أعار بعيراً إلى مكة، فلما توسط البادية: رجع المعير عليه لنقل أمتعته إلى العمران بأجر المثل.
قال الشيخ- رحمه الله-: ولو أعار للزراعة مدة، وانقضت المدة، والزرع لم يُدرك- ينظر: إن فرط في الزراعة بالتأخير: يقلع مجاناً، وإن لم يفرط: فلا يقلع.
وإذا أعار أرضاً للزراعة مطلقاً: فلا يزرع إلا زرعاً واحداً وكذلك: لو أعار للغرس، فغرس، وقلع؛ فلا يغرس بعده إلا بإذن جديد.
ولو حمل السيل نويات أو حبات إلى أرضه: يجب عليه ردها إلى مالكها لو عرفه، وإن لم يعرفه دفع إلى الحاكم، ولو لم يعلم حتى نبتت في أرضه، هل يجبر مالكها على قلعها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يُجبر؛ لأنه لم يكن منه تفريط.
والثاني: يجبر؛ لأن المالك لم يأذن فيه، كما لو انتشرت أغصان أشجاره إلى هواء دار غيره: يُجبر على إزالة ضرره؛ وهذا أصح.