فإن قلنا: لا يجبر: فإن كان زرعاً: يبقى إلى أوان الحصاد بالأجرة، وإن كان شجراً: يتخير مالك الأرض فيها بين أن يتملكها بالقيمة، أو يقلعها، ويضمن أرش النقصان، وبين أن يقرها بالأجرة، كما ذكرنا في العارية.
ولو حمل السيل نواة واحدة، أو حبة لا قيمة لها، والغراب دفن جوزة في أرضه، فنبتت: هل يملكها مالك الأرض؟ فيه وجهان:
أحدهما: يملك؛ لأنه لم يكن لها قيمة، فصارت متقومة في أرضه.
والثاني: لا يملك؛ لأن تلك الحبة كانت محرمة الأخذ من المالك؛ فعلى هذا: هل يؤمر بقلعها مجاناً؟ فعلى الوجهين.
إذا غرس رجل أرض الغير بإذنه، ثم وقف رب الأرض والغراس الأرض والغراس معاً: جاز، كما لو باعا ولو وقف رب الأرض: جاز، كالبيع، ولو وقف مالك الغراس غراسه: ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأن القلع ثابت لرب الأرض، فيكون وقف ما لا يمكن الانتفاع به.
والثاني- قاله ابن حداد: يجوز.
ثم إن قلعها صاحب الأرض- يؤخذ منه أرش النقصان، وينفق عليه، ويغرس في موضع آخر.
قال الشيخ- رحمه الله-: ويمكن بناء الوجهين على جواز البيع.
ولو دفع أرضاً إلى رجل ليغرسها أو يبني فيها على أن نصف الغراس والبناء لمالك الأرض، والنصف له: فهذا فاسد للجهالة.
فإذا غرس وبنى: فالغراس والبناء للغارس والباني؛ فإن كان لا ينتقص قيمتها بالنقل، كلف نقلها: وإن كان ينتقص: فلا يقلع مجاناً؛ لأنه فعل بالإذن، فيتخير مالك الأرض فيها بين الأشياء الثلاثة.
وإن كان زرعاً يبقى إلى أوان الحصاد، ويستحق رب الأرض الأجر، وكم يستحق؟ فيه وجهان:
أحدهما: نصف أجر مثل الأرض، لأنه كان يعتقد نصف عمل العامل له.
والثاني: يستحق تمام أجر المثل؛ لأن جميع عمل العامل وقع للعامل، وجميع الغراس له.