للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلنا: القول قول المالك، فإذا حلف أخذ الأجرة، وأي أجرة يأخذ؟ فيه وجهان:

أحدهما: يأخذ المسمى؛ لأنا لما قبلنا قوله في الكراء: يقبل قوله في المسمى.

والثاني: يأخذ أجر المثل، وهو المنصوص؛ لأنهما لو اتفقا على الأجرة، واختلفا في قدرها، وجب أجر المثل، فإذا اختلف في الأجرة: أولى أن يجب أجر المثل، فإذا نكل المالك عن اليمين: لا تُرد اليمين على الراكب، لأن عين المالك حجة لاستحقاقه الأجر، وإذا لم يحلف سقط، ويمين الرد يستحق بها حق، وهو لا يدعي شيئاً.

وإن قلنا: القول قول الراكب مع يمينه، فإذا حلف برئ، وإذا نكل حلف المالك واستحق المسمى قولاً واحداً؛ لأن يمينه بعد نكول المدعى عليه: إما أن تكون كالبينة أو كالإقرار، فأيهما وجد يستحق به المسمى، وهذه المسألة بخلاف ما لو دفع ثوباً إلى غسال ليغسله، فغسله، ثم اختلفا، أو خاط لرجل ثوباً، أو بنى داراً، فاختلفا، فقال المالك: فعلته مجاناً، وقال العامل: بل بالأجرة: فالقول قول المالك مع يمينه قولاً واحداً بخلاف الراكب والزارع؛ لأن الخياط والغسال قوت منفعة نفسه، ثم يدعي الضمان على الغير: فلا يقبل، والراكب أفات منفعة دابة الغير، ويريد إسقاط الضمان عن نفسه: فلا يقبل.

وإن كان هذا الاختلاف بعد تلف العين- نُظر: إن تلفت حالة ما أخذها قبل مضي مدة لها أجر، والراكب مقر له، وهو ينكر: فيرتد برده، وإن تلفت بعد مضي مدة لها أجر، والمالك يدعي عليه الكراء، وهو يقر بالقيمة: فهو يبني على أن اختلاف الجهة، هل يمنع الأخذ؟ وفيه وجهان.

إن قلنا: يمنع الأخذ: فالقيمة ساقطة برده، وفي الكراء: القول قول من يكون؟ فعلى ما ذكرنا من القولين.

وإن قلنا: لا يمنع الأخذ- نُظر: إن كانت الأجرة والقيمة سواء، أو كانت الأجرة أقل: أخذها المالك بلا يمين، وإن كانت الأجرة أكثر: أخذ قدر القيمة، وفي تلك الزيادة القول قول من يكون؟ فعلى القولين.

وإن كان الاختلاف على عكس هذا، قال المالك: أعرتك، وقال: لا، بل أكريتني: فالقول قول المالك مع يمينه، يحلف ويأخذ العين، وإن كان بعد مضي مدة لها أجر: فالراكب يقر له بالكراء، وهو ينكر، فيرتد برده، وإن كان بعد تلف العين نُظر: إن مضت مدة لمثلها أجرة؛ فالمالك يدعي عليه القيمة: فالقول قوله مع يمينه؛ هذا هو المذهب؛

<<  <  ج: ص:  >  >>