لأن الراكب أتلف عليه ماله، والأصل: أنه لم يبح، وإن مضت مدة لمثلها أجرة: فالمالك يدعي القيمة، والراكب يقر بالأجرة، فإن قلنا: اختلاف الجهة يمنع الأجر: فلا أجرة له، وفي القيمة: يحلف ويأخذ، وإن قلنا: لا يمنع الأخذ: فإن كانت الأجرة والقيمة سواء، أو كانت القيمة أقل: أخذها المالك بلا يمين، وإن كانت القيمة أكثر، ففي تلك الزيادة: حلف المالك وأخذ.
ولو قال المالك: غصبتني، وقال الراكب: لا، بل أعرتني: يسترد المالك العين، وإن كان بعد مضي مدة لها أجر؛ فالمالك يدعي كراء المثل، وهو ينكر: نقل المزني: أن القول قول المستعير، وهو الراكب.
اختلف أصحابنا فيه؛ منهم من قال: المسألة على طريقين؛ كالمسألة الأولى:
أحدهما: أنها على قولين.
والثاني: يفرق بين الأرض والدابة.
ومنهم من قال: القول قول المالك قولاً واحداً، والنقل وقع خطأ؛ لأن الراكب يدعي الإذن، وهو ينكر، والأصل عدم الإذن، وفي المسألة الأولى: اتفقا على الإذن، وإن كان هذا الاختلاف بعد تلف العين، وكان بعد مضي مدة: فالمدعي يدعي كراء المثل؛ فيحلف ويأخذ، ويدعي القيمة بطريق الغصب، وهو يقر بطريق العارية.
وإن قلنا: اختلاف الجهة يمنع الأخذ: حلف وأخذ، وإن قلنا: لا يمنع الأخذ: إن قلنا: ضمان العارية ضمان الغصب، أو قلنا: تعتبر بيوم التلف، وكانت قيمتها يوم التلف أكثر: أخذها بلا يمين، وإن كانت قيمتها يوم التلف أقل: ففي الزيادة: يحلف ويأخذ، وإن اختلفا، فقال المالك: غصبتني، وقال الراكب: بل أكريتني، فإن لم تمض مدة لها أجر: حلف المالك، وأخذ العين، وإن كان أرضاً زرعها: قلع الزرع، وعلى الزارع تسوية الأرض، وإن كان بعد مضي مدة لها أجر: فالمالك يدعي كراء المثل، وهو يقر بالمسمى، فإن استويا، أو كان أجر المثل أقل: أخذه بلا يمين، وإن كان أجر المثل أكثر: حلف، وأخذ الزيادة.
قال الشيخ- رحمه الله-: ولا يبنى على اختلاف الجهة؛ كما لو أن المالك يدعي فساد الإجارة، والراكب يدعي الصحة: حلف المالك، وأخذ أجر المثل، وإن كان هذا