للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: ولد المغصوبة لا يكون مضموناً على الغاصب؛ سواء غصبها حاملاً أو حائلاً؛ إلا أن يطالبه المالك برده، فلم يرد: ضمن؛ وكذلك: جميع ما يحدث من الزوائد من المغصوب: يكون أمانة عند الغاصب.

وإذا دخل الأم نقص بالولادة عنده: يتخير نقصان الولادة بالولد، وإن كان بالنقصان أكثر من قيمة الولد- قالوا: لا يجب إلا تلك الزيادة؛ فنقيس على ولد الصيد يحدث مضموناً على المحرم بالجزاء، كذلك هذا يؤيده: أن المحرم إذا غصب ظبية مملوكة، فأتت بولد، وتلف الولد في يده من غير صنع من جهته: فلم يجب الجزاء لله تعالى مع أن حق الله تعالى أقرب إلى السقوط؛ فلأن تجب القيمة للمالك أولى؛ مع أن حقوق العباد أقرب إلى اللزوم.

ولو وطئ رجل حرة أجنبية- نُظر: إن كانا عالمين بالتحريم: يجب عليهما الحد، ولا مهر لها، ولا عدة عليها، وإن حدث ولد: لا يثبت النسب، وإن كانا جاهلين بالحال: لا حد عليهما، ولها المهر، وعليها العدة، وثبت النسب، وإن كان الرجل عالماً، والمرأة جاهلة أو مكرهة، أو كانت نائمة: فيجب على الرجل الحد، ولا حد على المرأة، ولا عِدة؛ لأنه لا حرمة لماء الرجل، ولا يثبت النسب، وكذلك: لو زنا عاقل بمجنونة: فإن كان الرجل جاهلاً، وهي عالمة أو كان نائماً، فاستدخلت ذكره: لا حد عليه، ولا مهر لها؛ لأنها زانية، ويجب عليها الحد، وتجب عليها العدة لحرمة ماء الرجل، ويثبت النسب، وكذلك: لو مكنت عاقلة من مجنون.

وعند أبي حنيفة: الحد والمهر لا يجتمعان، فإذا أكره امرأة على الزنا: لا يجب عليها الحد، ولا مهر لها؛ حتى لو غلط بامرأة، فوطئها على ظن أنها زوجته- قال: إن كان هذا ليلة الزفاف-: يجب المهر، ولا يجب الحد؛ لشبهة العقد، وإن كان في ليلة أخرى: يجب الحد، ولا يجب المهر، وقال: لأنه فعل واحد لا يتعلق به موجبان؛ أحدهما: يسقط بالشبهة، والآخر: لا يسقط، وكذلك: قالوا في السرقة: لا يجتمع القطع والغرم.

قلنا: المهر أحد ما يجب بالوطء في ملك الغير؛ فيجب على المكره العالم؛ كالحد.

يؤيده: أن المهر حق المرأة، والحد حق الشرع، فلا يمتنع اجتماعهما؛ كالمحرم: إذا قتل صيداً مملوكاً: يلزمه الجزاء لله تعالى، والقيمة للمالك، وإن لم يكن بُد من إسقاط أحدهما: وجب أن يسقط الحد؛ لأنه يتدرك بالشبهة، ويجب المهر؛ لأنه ثبت مع الشبهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>