للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصلٌ في بيع الغاصب الجارية المغصوبة

إذا باع الغاصب الجارية المغصوبة: فكل ما ذكرناه أنه يلم الغاصب من أجر مثل وأرش نقص ومهر وقيمة ذلك: فإنه يلزم المشتري أيضاً؛ لأنه أخذه من يد ضامنه؛ فكان مضموناً عليه، فإن وطئها المشتري- نُظر: إن كان عالماً بالحال: عليه الحد والمهر إن كانت مكرهة؛ كما ذكرنا في الغاصب، ولا رجوع له على الغاصب، فإذا أخذه المالك من الغاصب: رجع عليه، وإن كان جاهلاً بالحال: فلا حد عليه، وعليه المهر، وهل يرجع المشتري بالمهر بعدما غرم على الغاصب؟ فيه قولان:

أحدهما- قاله في القديم-: يرجع؛ لأنه غره، وهو لم يشرع في العقد على أن يضمن المهر.

والثاني- وهو الأصح، وهو قوله الجديد: لا يرجع؛ لأنه أتلف منفعة البُضع؛ كما لو قتلها؛ يغرم قيمتها، ولا يرجع على الغاصب. فإن قلنا: يرجع بالمهر على الغاصب.

فإن كانت بكراً، فافتضها: إن قلنا: لا يفرد أرش الافتضاض: رجع بالكل على الغاصب، وإن قلنا: يفرد: فيرجع بمهر الثيب، ولا يرجع بأرش الافتضاض؛ لأن وجوبه بمقابلة نقص حدث بفعله؛ كما لو قطع يدها: غرم الأرش، ولا يرجع على الغاصب.

ولو استولدها: فالولد حر ثابت النسب، وعليه قيمته للمالك باعتبار يوم السقوط، ورجع بعدما غرم على الغاصب؛ لأنه لم يشرع فيه على أن يضمنه، وكذلك: نقصان الولادة.

ولو خرج الولد ميتاً: لا شيء عليه، ولو ألقت الجنين ميتاً يضرب ضارب: يجب على الضارب الغُرة للمشتري، وعلى المشتري للمالك الأكثر من قيمة الغرة أم قيمة الولد يوم سقط، ويرجع على الغاصب.

ولو استرضعهما المشتري ولده، أو ولد غيره: يجب عليه للمالك أجر المثل، وهل يرجع على الغاصب؟ فيه قولان؛ كالمهر.

وهذا بخلاف ما لو اشترى شاة مغصوبة جاهلاً، فولدت، فشرب المشتري لبنها: يغرم مثل اللبن، وفي الآدمية: أوجبنا الأجرة؛ لأن الآدمية ترضع بالأجرة، ولبن البهيمة لا يتلف بالأجرة، ثم هل يرجع بما غرم من اللبن على الغاصب؟ فعلى قولين.

ولو تناولت السخلة اللبن: يغرمه المشتري، وإن عاد نفعه إلى المالك؛ كما لو

<<  <  ج: ص:  >  >>