للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قلنا بالأول: فلا يثبت، وهو الأصح؛ لأنه لا يقبل القسمة؛ فلا يلحقه مؤنة المقاسمة.

وإن قلنا بالثاني: ثبت، وهو قول ابن سُريج- رحمة الله عليه-: وبه قال الثوري وأبو حنيفة- رحمة الله عليهما- واختلفوا في المنقسم:

قيل: هو ألا ينقص قيمة نصيب كل واحد منهما بعد القسمة عما كانت عليه قبل القسمة نقصاناً فاحشاً.

وقيل: ما يمكن الانتفاع به بعد القسمة: حسب الانتفاع به من قبل.

وقيل: ما يمكن الانتفاع به بعد القسمة بوجه من الوجوه: خرج من هذا أنه إذا كان بين رجلين أرض، تسعة أعشارها لأحدهما، وللآخر عُشرها، ولا ينتفع به بعد القسمة: فإن طلب صاحب العشر القسمة: لا يجاب إليها، وإن طلب صاحب تسعة الأعشار: يجاب إليها؛ فلو باع صاحب التسعة الأعشار نصيبه: فتثبت الشفعة لصاحب العشر لوجود المعنيين في حقه، وإن باع صاحب العشر نصيبه: هل تثبت الشفعة لصاحب التسعة الأعشار؟ فعلى وجهين:

إن قلنا بالمعنى الأول- وهو الأصح-: لا تثبت؛ لأنه لا يلحقه مؤنة المقاسمة، وإن قلنا بالمعنى الثاني: ثبت، وإن كان بين رجلين بئر أو حمام أو طاحونة أو مسيل ماء، فباع أحدهما نصيبه: هل يثبت للآخر الشفعة؟ نظر: إن كان منقسماً بأن كانت البئر واسعة يمكن أن يبني فيها، فيتخذ بئرين تختلف فيهما للدلاء، وفي بياضهما سعة لإلقاء التراب ووقوف المستقي، ويمكن أن يتخذ من الحمام حمامات، لكثرة البيوت، أو البيوت واسعة يمكن أن يتخذ كل بيت بيتين، والطاحونة كبيرة يمكن أن تتخذ طاحونتان لكل واحدة نهر ورحاً.

وكذلك: النهر ومسيل الماء: يثبت فيه الشفعة، وإن لم يمكن: فلا يثبت؛ على أصح الوجهين.

ولو كانت لرجل أرض ومسيل مائهما مشترك بين اثنين، أو مزرعة لرجل والبئر مشتركة، فباع صاحب الأرض والمزرعة: لا تثبت الشفعة للشريك في البئر ومسيل الماء، وإن باعها مع شريكه في النهر والبئر: فلا شفعة في الأرض، وثبت في النهر والبئر، إن كان منقسماً؛ وكذلك: لو كانت الشركة في المزرعة دون البئر، فباع صاحب البئر البئر مع نصيبه من المزرعة: تثبت الشفعة في المزرعة دون البئر، فباع.

<<  <  ج: ص:  >  >>