للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو مات الغائب، والحاضر وارثه: له أخذه بالشفعة، وإن كان قد عفا؛ لأن العفو كان عن حق ثبت له، وهذا أخذ بحق الإرث.

فصلٌ في تصرف المشتري في الشقص المشفوع

إذا بنى المشتري في الشقص المشفوع، أو غرس، أو زرع قبل علم الشفيع: يقلع مجاناً، لا لحق الشفعة، بل لتركة الشفيع؛ فإن أحد الشريكين إذا بنى أو غرس في الأرض المشتركة بغير إذن شريكه: يقلع مجاناً؛ فلو قاسم المشتري الشفيع، ولم يعلم الشفيع ثبوت الشفعة: له ظنه؛ يقاسم من جهة البائع بوكالته، أو قال له المشتري: أنا أقاسم بوكالته، أو البائع قاسم الشفيع بوكالة المشتري، ظن الشفيع أنه يقاسم من جهة نفسه: فلا تبطل شفعته بهذه القسمة على أحد الوجهين؛ لأن الشركة كانت ثابتة يوم البيع، وتصح القسمة، أو أخبر الشيفع أن الشقص بيع بمائة، فعفا وقاسم فغرس المشتري فيه، وبنى، ثم بان أنه بيع بأقل من مائة، أو كان الشفيع قد غاب، ووكل من يقاسم مع شريكه، أو مع من يشتري من شريكه، فقاسم الوكيل: صحت قسمته، ولا تبطل به شفعة الشفيع؛ ففي هذه المواضع. إذا بنى أو غرس المشتري في نصيبه، ثم علم الشفيع: يجوز له أخذ العرصة بالشفعة، ولم يكن له قلع الغراس والبناء والزرع مجاناً؛ لأن المشتري لم يكن متعدياً فيه، بل يترك الزرع إلى الحصاد، ويتخير الشفيع في الغراس والبناء بين أخذ الأشياء الثلاثة، إن شاء أقرها بالأجرة، وإن شاء قلعها وضمن أرش النقصان، وإن شاء تملكها بقيمة اليوم.

وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: يقلع البناء والغراس مجاناً دون الزرع.

ولو تصرف المشتري في الشقص المشفوع- نُظر: إن تصرف تصرفاً تثبت فيه الشفعة؛ بأن باعه قبل علم الشفيع أو ولى البيع رجلاً، أو أصدقه امرأته، أو كانت امرأة اختلعت نفسها عليه واستأجرته شيئاً: فالشفيع بالخيار، إن شاء فسخ العقد الثاني، وأخذ بالأول، وإن شاء أخذ بالعقد الثاني، فإذا أخذ بالأول: لم يكن له فسخ النكاح، إن كان المشتري قد أصدقها، وإن كان المشتري الثاني قد غرس فيها: لا يقلع غراسه مجاناً؛ كما ذكرنا في المشتري الأول.

ولو أجره المشتري أو وهبه، أو رهنه، أو وقفه: فللشفيع فسخ هذه العقود، وأخذه بالشفعة، بخلاف ما لو باع عبداً بثوب، فأجر المشتري العبد، ثم وجد البائع بالثوب عيباً، ورده: لا يثبت له فسخ الإجارة، لأن حقه ثبت بالإطلاع على العيب، والإجارة كانت سابقة عليه، وحق الشفيع ههنا كان ثابتاً يوم الإجارة؛ فكان له فسخها.

ولو اشترى شقصاً، وقبل علم الشفيع، تقايلا: فإن قلنا: الإقالة بيع: فالشفيع

<<  <  ج: ص:  >  >>