وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه: لا تجوز المساقاة، وخالفه صاحباه والحديث حجة عليه.
وهل يجوز على غير النخيل والكروم من الأشجار؟ نُظر: إن لم يكن لها ساق؛ كالزروع والخضروات والبطيخ والقثاء وقصب السكر، أو كان لها ساق؛ ولكنها لا تثمر؛ كالصنوبر، والعرعر والخلاف: لا تجوز المساقاة عليها؛ لأن المساقاة إنما تجوز على شجرة تبقى سنين لها ثمرة تحصل بتعهد العامل؛ فيكون جزء منها للعامل بإزاء عمله.
أما سائر الأشجار المثمرة؛ كالتين والتفاح والكمثري والمشمش ونحوها: ففيها قولان:
قال في القديم: تجوز املساقاة عليها؛ كالنخيل والكروم.
وقال في الجديد- وهو الأصح: لا تجوز؛ بخلاف النخيل والكروم؛ لأن كل واحد منهما شجر له ثمر: تجب الزكاة في ثمرها؛ فجوزت المساقاة فيهما؛ نظراً للمساكين، ورب المال، ولأن النخيل والكروم ثمارها عناقيد متدلية؛ فيمكن خرصها والوقوف عليها، وسائر الأشجار ثمارها متفرقة في تضاعيف الأوراق، لا يمكن خرصها والوقوف عليها.
وقيل: في الفرصاد قولان أيضاً على أوراقها؛ لأن أوراقها مقصودة؛ كثمار غيرها.
وقال بعض أصحابنا: إن كان شجراً تقطع أغصانها في كل سنة أو سنتين؛ كالخلاف، فساقاه على أن تكون الأغصان بينهما نصفين أو أثلاثاً: يجوز على القول القديم، والمذهب: أنه لا يجوز.
وقال ابن سُريج: تجوز المساقاة في المقل؛ تخريجاً على قوله الجديد؛ لأن ثمر المقل ظاهر كثمر النخيل والكرم.
وفيه وجه آخر: أنه لا يجوز؛ لأن لا زكاة فيها؛ كالخوخ والمشمش.
ويجوز عقد المساقاة قبل خروج الثمرة، ولا يجوز بعد خروجها وبدو الصلاح فيها؛