لأن المساقاة عقد [غرر]؛ جوزت على الثمرة المعدومة للحاجة إلى من يقوم بتعهدها حتى يخرج؛ فإذا خرجت: زالت الحاجة؛ فلم يجز، وهل يجوز بعد خروج الثمرة قبل بدو الصلاح؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجوز؛ كما بعد بدو الصلاح.
والثاني: يجوز؛ لأن معظم العمل باقي.
ويشترط بيان المدة في المساقاة، فلو قال: ساقيتك مطلقاً، أو إلى سنين، ولم يبين: لم يجز.
ويجب أن يبين المدة بالسنين أو لأشهر: فإن قال: إلى أوان الجذاذ: لم يصح، ويجب أن يضرب مدة تدرك الثمرة فيها غالباً، فإن ساقاه على ودي إلى مدة لا تثمر فيها، أو لا تثمر غالباً: لا يصح، وإذا عمل العامل: فهل يستحق أجر المثل؟ فيه وجهان:
أحدهما- وبه قال المزني: لا يستحق؛ لأنه رضي بالعمل بغير عوض.
والثاني- وهو قول ابن سريج،- رحمة الله عليه-: يستحق؛ لأن العمل في المساقاة يقتضي العوض؛ فلا يسقط برضاه كالوطء في النكاح.
وإن ساقاه إلى مدة تثمر غالباً: صح، ثم إن لم تثمر في تلك المدة: لا يستحق شيئاً؛ كما لو قارضه ولم يربح: لا يستحق شيئاً.
وإن ساقاه إلى مدة يحتمل أن تثمر فيها، ويحتمل ألا تثمر فيها؟ ففيه وجهان:
أصحهما- وهو قول أبي إسحاق-: لا يصح؛ لأنه عقد على عوض غير موجود، وليس الظاهر وجوده؛ كما لو أسلم في معدوم إلى محل يحتمل أن يوجد فيه، ويحتمل ألا يوجد: لا يصح.
والثاني: يصح؛ لأنه يقبل من الغرر ما لا يقبله السلم؛ كالنخيل الكبار: تجوز المساقاة عليها، وإن احتمل ألا تثمر.
والأول أصح؛ بخلاف الكبار؛ لأن الغالب والأصل: أنها تثمر إلا لعارض؛ والودي بخلافه.
فإن قلنا: يصح: فإن أثمرت في تلك المدة: يستحق المشروط، وإن لم تثمر: لا يستحق شيئاً؛ كما لو ساقاه إلى مدة تثمر فيها غالباً، فلم تثمر، وإن قلنا: لا يصح: يستحق أجر المثل، أثمرت أو لم تثمر؛ لأنه إذا كان يجوز أن تثمر: فلم يتطوع بالعمل.