الأصح: لا تلزم؛ لأنه لم يشرطها، وهما منفعتان مقصودتان؛ تنفرد إحداهما عن الأخرى؛ فلا تتبع إحداهما الأخرى.
والثاني: تلزم؛ للعادة الجارية به.
وإذا استأجر للإرضاع: فلا يتأتى إلا بفعل من جهتها من الاعتشار والتمكين من الارتضاع.
واختلفوا في أن العقد يتناول اللبن، وفعلها تبع أم يتناول فعلها؛ واللبن تبع؟
منهم من قال: يتناول اللبن؛ لأنه المقصود؛ ألا ترى أنه لو انتقص اللبن: ثبت للمستأجر الخيار، ثم يدخل الفعل تبعاً؛ لأنه سبب وصول المقصود إليه.
ومنهم من قال- وهو الأصح: العقد يتناول فعلها، واللبن تبع، لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦]؛ جعل الأجرة على فعل الإرضاع دون اللبن؛ ولأن اللبن عين، وتدخل الأعيان في عقد الإجارة تبعاً لا مقصودة؟ كما يكتري البئر ليستقي ماءها، ويكتري داراً ليسكنها وفيها بئر ماء: يجوز أن يستقي ماءها.
ولو استأجر امرأة على كفالة الولد؛ لتتعهده، وتربيه، وينفق الأب ويكسوه: جاز، إذا بين المدة.
وإذا استأجرها؛ لتكون النفقة وما يحتاج الصبي إليه عليها: فإن لم يبين ما تنفق عليه: لا يجوز، وإن بين ما تنفق عليه كل وقت جنساً ووصفه بصفات السلم: فهذا جمع بين الإجازة والسلم إلى آجال مختلفة، وفي جوازه قولان:
فإن قلنا: لا يجوز، فإذا تعهدته وأنفقت عليه: يجب على المستأجر أجر مثلها، وقيمة ما أنفقت عليه من الطعام وغيره.
ولو استأجر للإرضاع، فلم يلتقم الصبي ثديها: ففيه قولان:
أحدهما: ينفسخ العقد.
والثاني: لا ينفسخ، ويأتي بولد آخر ترضعه، وكذلك: لو مات الصبي: ففيه قولان:
أحدهما: ينفسخ العقد؛ كما لو ماتت المرضعة.
والثاني: لا ينفسخ؛ لأن العقد يتناول عملها، وهو باق، فيأتي بولد آخر ترضعه؛ كما لو اكترى دابة ليحمل عليها متاعاً، فهلك المتاع: لا ينفسخ العقد: فإن لم يوجد ولد آخر،