وتشاحا: يفسخ العقد وجملة هذا الباب: أن العقد، إذا عقد على شيء بعينه، فهلك: إن هلك المستوفى: فلا يضر، ووارثه يقوم مقامه.
وإن هلك المستوفى منه؛ كالعبد يموت، والدار تنهدم: ينفسخ العقد.
وإن هلك المستوفى به؛ كالصبي يموت: فإن استأجر لخياطة ثوب بعينه، فهلك الثوبك هل يبطل؟ فيه قولان.
أما إذا ألزم ذمته حمل متاع إلى موضع، فهلك المتاع: ينفسخ العقد.
ولا يجوز استئجار المرأة المزوجة للإرضاع ولا لغيره بغير إذن الزوج؛ لأنه ليس لها أن تشغل نفسها عن إيفاء حق الزوج، وإذا لزم ذمتها الإرضاع: جاز؛ لأنه يمكنها أن يحصل بغيرها.
ولو أجرت نفسها بإذن الزوج: جاز، وإن أجرت نفسها لعمل، ولا زوج لها، ثم نكحت في مدة الإجارة: صح النكاح، ولا تنفسخ الإجارة، ولا يثبت حق الفسخ؛ لأن الزوج: لا يجوز له منعها من العمل، ثم إن كانت أجرت نفسها للإرضاع، وإصابة الزوج تضر باللبن: يمنع من الإصابة، ولا تستحق على الزوج النفقة في هذه المدة.
ولو زوج السيد أمته، ثم أجرها: جاز، ولم يكن للزوج منعها عن المستأجر؛ لأن يد المستأجر في الانتفاع يد السيد، وحق المستأجر ألزم؛ بدليل أنه يجب على السيد تسليمها إلى المستأجر بعد أخذ الأجرة، ولا يجب تسليمها إلى الزوج بعد قبض الصداق.
ولو استأجر وراقاً؛ ليكتب له كتاباً: يجب أن يبين أن الحبر ممن يكون، وكذلك: لو استأجر صباغاً: يبين أن الصبغ ممن يكون، أو خياطاً: يبين أن الخيط ممكن يكون، فإذا شرط الحبر أو الصبغ أو الخيط على الأجير: يجب أن يبين قدره، وإذا بين قدره: من أصحابنا من قال: يكون ذلك جمعاً بين الشراء والكراء؛ لأنه يستأجره للعمل، ويشتري منه الحبر والصبغ والخيط؛ فتكون على قولين.
ومنهم من قال: يجوز قولاً واحداً، وبه قال صاحب "التلخيص"؛ قال: قلت في الوراق تخريجاً؛ لأن المقصود عمله، وهو الكتابة وفعل الصباغة، والحبر والصبغ تابعان فيه، كاللبن في إرضاع الولد.
ومن قال بالأول قال: جوز الإرضاع لأجل الضرورة؛ لأن الولد يتربى بلبن يصل إليه من الثدي، ولا يمكن إفراده بالبيع.