وإن اختلفا في التعدي في العين المستأجرة، فقال الآجر: تعديت؛ فعليك الضمان، وقال المستأجر: ما تعديت: فالقول قول المستأجر مع يمينه؛ لأن الأصل عدم التعدي.
ولو دفع ثوباً إلى خياط، فقال له: إن كان يكفيني للقميص- فاقطعه، فقطعه؛ فلم يكفه: لزمه الضمان؛ لأنه أذن له بشرط، ولم يوجد.
وإن قال: هل يكفيني للقميص، فقال: نعم، فقال: اقطعه، فقطعه، فلم يكفه: لم يضمن؛ لأنه قطع بإذن مطلق، ولو دفع ثوباً إلى خياط ليقطعه، فقطعه قباء، ثم اختلفا، فقال رب الثوب: أمرتك أن تقطعه قميصاً، فقال: لا، بل أمرتني أن أقطعه قباء: فحكى الشافعي- رضي الله عنه- في "اختلاف العراقيين"- قول ابن أبي ليلى: أن القول قول الخياط مع يمينه؛ لأنهما اتفقا على الإذن في القطع.
وحكى قول أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: أن القول قول رب الثوب مع يمينه؛ لأنهما لو اختلفا في أصل الإذن في القطع: كان القول قوله؛ كذلك في صفة القطع.
ثم قال: وهذا أشبه القولين، وكلاهما مدخول.
وقال في "الإملاء": يتحالفان، وذكر فيما لو دفع ثوباً إلى صباغ ليصبغه، فصبغه أخضر، ثم اختلفا، فقال رب الثوب: أمرتك أن تصبغه أحمر، وقال الصباغ: بل أمرتني أن أصبغه أخضر: يتخالفان.
ووجهه: أن كل واحد منهما مدع، ومدعى عليه: فالخياط يدعي الأجرة، وصاحب الثوب ينكرها، وصاحب الثوب يدعي أرش النقصان، والخياط ينكره.
فمن أصحابنا من جعل المسألة على ثلاثة أقوال.
ومنهم من قال: هي على قول واحد؛ أنهما يتحالفان، والقولان الآخران حكاية مذهب الغير، وقد زيفهما بقوله:"كلاهما مدخول".
واختار المزني: أن القول قول رب الثوب؛ كما لو استأجره على حمل متاع، فقال: قد حملت، وأنكر رب المال أو قال: الدافع: دفعته إليك وديعة، فقال: بل رهناً: كان القول قول الدافع:
فإن قلنا: القول قول الخياط: فإذا حلف: لا يلزمه ضمان القطع، وهل يستحق الأجرة؟ فيه وجهان: