للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما -وهو قول ابن أبي هريرة: يستحق؛ لأنه حلف على أنه كان مأذوناً في القطع.

والثاني- وهو قول أبي إسحاق: لا يستحق؛ لأنه في الغرم كان مدعى عليه؛ فقبل قوله، وفي الأجرة: مدع؛ فالقول قول رب الثوب مع يمينه؛ لأنه منكر.

فإن قلنا: يستحق الأجرة: فيجب المسمى أم أجر المثل؟ وجهان:

أحدهما: المسمى؛ لأنه حلف على الإذن.

والثاني: أجر المثل؛ لأنا لو جعلنا له ما يدعيه: لم نأمن من أن يدعي أضعاف أجر مثله.

وإن قلنا: القول قول رب الثوب: فإذا حلف: لا يلزمه الأجرة؛ لأن الخياط فعل ما لم يكن له فعله.

ويجب على الخياط أرش نقصان القطع، وماذا يلزمه؟ فيه وجهان:

أحدهما: ما بين قيمته صحيحاً ومقطوعاً؛ لأنا حكمنا أنه لم يأذن له في القطع.

الثاني: يلزمه نقصان قطع دخل بسبب القباء.

وأما القطع الذي يحتاج إليه في القميص: فلا يضمنه؛ لأن رب الثوب أذن فيه.

وإن قلنا: يتحالفان: فإذا تحالفا: لا شيء لأحدهما على الآخر، فرب الثوب يستفيد بيمينه سقوط الأجرة عنه، والخياط يستفيد بيمينه سقوط الغرم عنه.

فإذا أراد الخياط نزع الخيط: هل له ذلك؟

إن قلنا: يستحق الأجرة: فليس له ذلك؛ لأنه أخذ العوض في مقابلته.

وإن قلنا: لا يستحق: فله ذلك: كالصبغ.

فإذا قلنا له ذلك، فقال رب الثوب: أنا أشد خيطانه حتى تدخل الدروز عند نزعك: لم يكن له ذلك إلا برضا الخياط؛ لأنه يتصرف في ملك الخياط.

قال- رضي الله عنه: إذا قلنا: القول قول رب الثوب، فحلف، وقلنا: لا يضمن الخياط إلا نقصاناً دخل بسبب القباء: يجب على رب الثوب الأجرة للقطع الذي لم يوجب ضمانه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>