للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو زرع الأرض، فمر بها سيل أفسد زرعه، ولم يغرق الأرض: لا يثبت للمكتري فسخ العقد؛ لأن الهلاك ورد على مال العاقد، لا على المعقود عليه، وكما لو أصاب الزرع صاعقة، فأحرقته، أو برد فأفسده، أو أكله الجراد، أو استأجر حانوتاً لبيع البر، فاحترق البر: لا خيار له في فسخ العقد.

فصلٌ

إذا اكترى أرضاً مدة للزراعة- لا يخلو؛ إما أن يعين الزرع أو لم يعين: فإن عين، فقال: لنزرع فيها الحنطة: فله أن يزرع فيها زرعاً ضرره مثل ضرر الحنطة أو أقل، ولا يجوز أن يزرع فيها ما ضرره أكثر، ويجوز أن يزرع فيها الشعير، ولا يجوز أن يزرع فيها الذرة؛ لأن ضررها أكثر؛ فإن عروقها تبقى في الأرض، وتذهب بقوة الأرض.

ولو استأجر؛ ليزرع الشعير: لم يكن له أن يزرع الحنطة ولا الذرة.

ولو اكترى ليزرع الذرة: يجوز أن يزرع الحنطة والشعير؛ لأن ضررهما أقل.

وإن زرع شيئاً ضرره أكثر: يجوز للآخر قلعه، وإن تعطل منفعة المكتري، وعليه تمام المسمى؛ لأنه هو الذي أبطل حقه، فلو لم يعلم الآجر، أو علم ولم يقلع حتى حصد المكتري الزرع: ماذا يجب عليه؟

نقل المزني: أن رب الأرض بالخيار: إن شاء أخذ المسمى مع أرش النقصان الذي يزيد على زراعة المشروط، وإن شاء ترك المسمى، وأخذ كراء المثل: اختلف أصحابنا فيه:

فمنهم من قال- وإليه ذهب المزني، -رحمة الله- وأبو إسحاق-: في المسألة قولان، وإن نقل المزني الخيار؛ بدليل أنه اختار الأول منهما، وهو أول وجهي الخيار:

أحد القولين: يأخذ المسمى وأرش النقصان؛ لأنه استوفى المنفعة التي استحقها مع زيادة؛ كما لو اكترى حماراً ليحمل عليه عشرة أقفزة، فحمل أحد عشر قفيزاً: يجب عليه المسمى وكراء المثل للزيادة، وكما لو اكترى دابة إلى موضع، فجاوزه.

والقول الثاني: يأخذ كراء المثل للجميع؛ [لأنه] تعدى بالعدول عن المعقود عليه إلى غيره؛ كما لو اكترى أرضاً بعينها، فزرع أرضاً أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>