روي عن الصعب بن جثامة، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:"لا حمى إلا لله ولرسوله".
الحمى: هو أن يحمي بقعة من الموات لمواشيه يمنع الناس من الرعي فيها، كان ذلك جائزاً لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- لنفسه خاصة؛ لكنه لم يفعل، بل حمى النقيع لمصالح المسلمين؛ لإبل الصدقة، ونعم الجزية، والخيل المعدة في سبيل الله.
وهو بلد ليس بالواسع وما كان يضيق به الأمر على المسلمين، وما من مسلم إلا دخل عليه منه خصلة صلاح.
أما غير النبي- صلى الله عليه وسلم- من الأئمة، لا يجوز [له] الحمى لنفسه، وهل يجوز لمصالح المسلمين: من إبل الصدقة، ونعم الجزية، وخيل الجهاد والضوال؟ فيها قولان:
أحدهما: لا يجوز، لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "لا حمى إلا لله ولرسوله".
وكما لا يجوز ذلك لآحاد الناس؛ فعلى هذا: إذا فعل: فهو على أصل الإباحة من إحياء ملكه.
والثاني: يجوز، وهو الأصح؛ لما روي عن زيد بن أسلم عن أبيه؛ أن عمر استعمل مولى له يقال له:"هني" على الحمى، فقال له: يا هني، اضمم جناحك للمسلمين، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة، وإياك ونعم ابن عوف وابن عفان؛ فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى زرع ونخل؛ وإن رب الصريمة والغنيمة: إن تهلك ماشيته يأتني بعياله، فيقول: يا أمير المؤمنين، [يا أمير المؤمنين]، أفتاركهم أنا! لا أبا لك؟! فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق، وآيم الله، إنهم ليرون أن قد ظلمتهم إنها لبلادهم، قاتلوا عليها في الجاهلية واسلموا عليها في الإسلام، وآيم الله، لولا المال الذي أحمر عليه في سبيل الله، ما حميت على المسلمين من بلادهم شبراً".
وإذا جوزنا: فلا يجوز أن يحمي إلا أقلها؛ بحيث لا يبين ضرره على الذين حمى عليهم، ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم- يتناول الحمى لنفسه، وعلى ما كان يفعله العزيز من العرب: كان