ولو تحجر مواتاً، وهو: أن يشرع في إحيائه، أو أعلم عليه علامة ولم يتمم، أو أقطعه السلطان: كان أحق به من غيره.
وإذا مات: كان وارثه أحق به، حتى لو استولى عليه غيره: له أن يسترده.
والصحيح من المذهب: أنه لا يملك بالتحجر ولإقطاع ما لم يحيها.
ولو باعها قبل الإحياء. المذهب: أنه لا يصح؛ لأنه لم يملكها.
وقال أبو إسحاق: إذا باعه يصح بيعه؛ لأنه أحق به، وليس بقوي؛ لأنه لمي ملكه؛ إنما له حق التملك؛ كالشفيع: إذا باع الشقص قبل الأخذ: لا يصح، فلو بادر غير المتحجر، وبنى فيها، وفعل ما يكون إحياء: هل يملكه؟ فيه وجهان:
أصحهما: يملك؛ لأنه خفق سبب الملك.
وقيل: لا يملك، وللأول أن يسترده.
هذا كما لو أفرخ طائر على شجرة في ملك إنسان: كان صاحب الشجر، أولى بذلك الفرخ، وليس لغيره دخول ملكه وأخذه؛ فإن ملك الفرخ جناحه، وطار: فكل من أخذه: فهو ملكه.
ولو دخل رجل بستانه، وأخذه: هل يملكه؟ فيه وجهان؛ أصحهما: يملكه.
وإن تحجر موضعاً، أو أقطعه السلطان، فطالت المدة، ولمن يحيه: قال له السلطان: إما أن تحييه، وإما أن ترفع يدك عنه، فتخلي بينه وبين من يحييه؛ لأن فيه تضييقاً على الناس؛ فإن استمهله: أمهله مدة قريبة، فإن انقضت المدة، ولم يحيه، فبادر غيره، فأحياه: ملكه؛ لأنه ارتفع حق الأول بعد انقضاء المدة.
أما موات دار الحرب: يملكه الكافر بالإحياء، ولو أحياه مسلم: هل يملكه أم لا؟ نُظر: إن كان الكفار لا يمنعوننا عنه: يملكه؛ كموات دار السلام.
وإذا استولى المسلمون على بلادهم: لا يملكونه، وإن كانوا يمنعوننا عنه: فلا يملك من أحياه، بل هو كالعامر من دورهم، فإذا استولى المسلمون عليه قهراً: كان ذلك كالتحجر في حق الغانمين، فهم أحق بإحياء أربعة أخماسها، وأهل الخمس بإحياء خمسها؛ فإن ترك الغانمون إحياءها: كان أهل الخمس أحق بها؛ لأنهم شركاء في الغنيمة.
وإن ترك بعض الغانمين حقوقهم من الغنيمة: كان الحق للباقين، فإن ترك الغانمون وأهل الخمس حقوقهم: فكل من أحياها من المسلمين ملكها، وإن صار فيئاً: فالإمام أحق بإحيائها لأهل الفيء؛ وإن لم يعرف سببه: يضعه الإمام فيمن يشاء من المسلمين على النظر لهم، والله أعلم.