للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب ما يجوز أن يقطع وما لا يجوز

روي أن أبيض بن حمال المأربي سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يقطعه ملح مأرب، فأراد أن يقطعه، فقيل له: "إنه كالماء العد! قال: فلا إذن".

المعادن قسمان: ظاهرة، وباطنة.

أما الظاهرة؛ مثل معدن الملح، والنفط والقير، والكبريت، والمومياء، والبرام، والحجارة الظاهرة للرحى وغيره، إذا كانت في موات: فالناس فيها شرع سواء؛ لا يملكها أحد بالإحياء، ولا ينفرد بها.

ولا يجوز للسلطان أن يقطعها؛ كالماء والكلأ، والحطب؛ لأنه توصل إليها من غير مؤنة وتعب.

فإذا تسارع إليه رجلان- نُظر: إن كان المعدن يسعهما: أخذا ما فيه، وإن كان لا يسعهما: فمن سبق فهو أولى بما فيه؛ لما روي أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم: فهو له"، فإذا أخذ حاجته، وقام: ليس له منع الثاني، وإن جاءا معاً: ففيه وجهان:

أحدهما: يقرع بينهما.

والثاني: يقدم الإمام أيهما شاء.

وفيه وجه آخر: أن الإمام يأمر من يقسم بينهما.

فإذا قدمنا أحدهما، فأخذ حاجته، فلم يقم، وأراد أن يأخذ أكثر، ويبعث للتجارة: ففيه وجهان:

الأصح: أنه يزعج إذا طال المقام؛ كالمستقطع والمتحجر، إذا طال الحبس، ولم يعمر: يمنع منه.

ولو ظهر شيء من هذه المعادن في ملكه: فهل يملكه؟:

من أصحابنا من قال: فيه وجهان؛ كالماء:

قال الشيخ- رحمه الله: والصحيح: أنه يملكه؛ لأنه يحصل من ملكه لا بمدد من موضع آخر؛ بخلاف الماء؛ فإن مدده من موضع آخر، حتى لو أخذ غيره شيئاً [منه]: فله

<<  <  ج: ص:  >  >>