والثاني: يجوز إقطاعه، ولا يملك بالإحياء؛ فإن سبق إليه رجلان، وضاق عنهما: يقرع بينهما أو يقدم الإمام أحدهما.
والثالث: لا يجوز إقطاعه، ولا يملك بالإحياء؛ كالماء العد.
وأصل هذا: أن هذه المعادن هل تملك بالإحياء؟ إن قلنا: تملك بالإحياء: فهو ملك للغانمين؛ كالأراضي التي أحياها أهل الحرب؛ ثم استولى عليها المسلمون، وإن قلنا: لا تملك بالإحياء: فحينئذ: فيه قولان:
أحدهما: للسلطان إقطاعه.
والثاني: كالماء العد.
وإذا كان في ملك رجل معدن باطن، فجاء رجل، واستخرج منه النيل بغير إذن مالكه: يجب عليه رده، ولا أجرة له؛ لأنه أتلف منفعة نفسه.
ولو قال له المالك: اعمل فيه، فما استخرجته فهو لك: فهو هبة مجهولة، وما استخرجه يكون لمالك الأرض، وهل يكون مضموناً على العامل؟ فعلى قولين؛ كالمقبوض بحكم الهبة الفاسدة، وهل يستحق أجر المثل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه عمل لنفسه.
والثاني: يستحق؛ لأن عمله وقع لغيره؛ وهذا بناءً على أن الأجير في الحج، إذا صرف الإحرام إلى نفسه: لا ينصرف إليه، وهل يستحق الأجر؟ فيه قولان.
ولو قال: اعمل، فما استخرجته: نصفه لك، ونصفه لي: لا يصح؛ لأنه شرط له أجراً مجهولاً، وما استخرجه يكون لمالك الأرض، وللعامل أجر مثل عمله؛ كما لو قال: استأجرتك على نصف ما تستخرجه: فهو فاسد، والنيل للمالك، وللأجير أجر المثل.
أما إذا قال: استأجرتك شهراً؛ لتعمل في هذا المعدن كل يوم بدرهم: يصح، ويستحق المسمى [إذا عمل]، والله أعلم.