فعلى هذا: إذا انقرض الأول: صرف إلى أقرب الناس بالمحبس، ثم بعدهم: إلى من سماه في الانتهاء، وإن كان مجهول الطرفين معلوم الواسطة: يرتب على معلوم الابتداء، إن قلنا ثم: لا يجوز فههنا: أولى؛ وإلا فوجهان، وإن جوزنا: ففي الحال: إلى من يصرف؟ فعلى ما ذكرنا من الاختلاف، فحيث قلنا: يصرف إلى أقرب الناس بالمحبس: هل يختص به فقراؤهم أم يسوى بين الفقراء، والأغنياء؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسوى بين الكل؛ لأن الكل في القرب منه سواء.
والثاني: يصرف إلى المحاويج منهم، لأن العادة جرت أن الإنسان يتصدق على فقراء أقاربه، وهو لو وقف داراً على زيد شهراً؛ على أنه تعود ملكاً له بعد الشهر: فالمذهب: أنه لا يصح، لأن شرط الوقف، وهو التأبيد: لم يوجد.
وفيه قول آخر: أنه يصح، لأنه رضي بزوال ملكه في الحال؛ فعلى هذا: ما حكمه بعد مضي الشهر؟ فيه قولان:
أحدهما: حكمه حكم ما لو كان معلوم الابتداء مجهول الانتهاء؛ فبعد انقراض المعلوم: يصرف إلى أقرب الناس بالمحبس.
والثاني: يعود بعد مضي الشهر إلى ملك الواقف؛ كما لو أجر، أو أعار داره مدة، فبعد مضي المدة: تعود إليه.
ولو وقف داراً على زيد وعمرو، ولم يقل بعدهما على من، وجوزنا، فمات أحدهما، ففي نصيب الميت قولان:
أحدهما: يكون للآجر، فما دام أحدهما موجوداً: فلا يصرف إلى غيرهما.
والثاني: حكم نصيب الميت حكم نصيبهما، لو ماتا جميعاً، وإذا جعل آخر وقفه الفقراء أو المساكين: جاز، وكذلك: القناطر والرباطات، ولو جعل آخره مساجد معينة أو قناطر أو رباطات معينة: فقد قيل: يجوز؛ كما لو جعل آخره الفقراء.
وقيل: هو كما لو كان الوقف منقطع الانتهاء؛ لأن المسجد المعين قد يخرب، والفقراء لا يعدمون.
فصل في ألفاظ الوقف
وهي ثلاثة:
الوقف، والتحبيس، والتسبيل؛ وهي صرائح، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "حبس الأصل، وسبل