وإن كان الواقف مجهول الابتداء معلوم الانتهاء؛ بأن وقف على رجل مجهول، أو على حمل أو على ولدي ولا ولد له، أوعلى مسجد سيبنى، ثم على الفقراء، أو وقف على من لا يجوز، ثم [على من يجوز]؛ مثل: أن وقف على عبده، ثم على الفقراء: ففيه طريقان:
أحدهما: هو على قولين؛ كما لو كان معلوم الابتداء مجهول الانتهاء.
والثاني: لا يصح ههنا قولاً واحداً، وهو الأصح والمنصوص عليه؛ لأن الابتداء، إذا كان مجهولاً: لا يمكن ترتيب الآخر عليه، وإذا كان الابتداء معلوماً: أمكن الترتيب على المعلوم.
فإن قلنا: يصح: فما حكمه في الحال؛ لا يخلو: إما إن كان الأول الذي لم يصح الوقف عليه: يمكن اعتبار انقراضه، أو لا يمكن: فإن لم يكن اعتبار انقراضه بأن وقف على رجل غير معلوم، أو على ولده ولا ولد له: كان وقفاً في الحال على الفقراء الذين سماهم؛ [لأن ما لا] يمكن اعتبار انقراضه [يكون ذكره لغواً، وإن أمكن اعتبار انقراضه] بأن وقف على عبد أو على وارثه في مرضه، أو على زيد، ثم على الفقراء فرده: ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يصرف في الحال إلى الفقراء، وذكر الأول لغو، لأن الوقف عليه غير صحيح، وقد وجدنا ههنا مستحقاً سماه الواقف؛ فلا معنى للصرف إلى من لم يسمه.
والثاني: يصرف في الحال إلى أقرب الناس بالمحبس إلى أن ينقرض الموقوف عليه الأول، ثم بعد انقراضه: صرف إلى الفقراء؛ لأن تركه على ملك الواقف: لا يمكن، لأنه أزال ملكه، ولا يمكن صرفه إلى الفقراء؛ لأنه لم يوجد شرط الانتقال، وهو انقراض الأول.
والثالث: هو باق على ملك الواقف، ثم بعده: لوارثه، ما لم يمت الأول؛ فإذا مات الأول- فحينئذ: يكون للفقراء؛ لأنه لم يجعل للفقراء شيئاً في حياة ذلك الرجل؛ فيكون باقياً على ملك الواقف.
قال الشيخ: يحتمل أن يقال: إذا وقف على زيد، فرده: لا يرتد، وهو الأصح عندي، خصوصاً على قولنا: إن الملك في الوقف زال إلى الله تعالى؛ كما لو أعتق عبده، فرده العبد: لا يرتد العتق.
وإن كان الوقف معلوم الطرفين مجهول الواسطة: يرتب على ما لو كان معلوم الابتداء مجهول الانتهاء: إن قلنا: هناك: يصح فهننا أولى وإلا فوجهان، والأصح: جوازه.