ولو وهب لعبد إنسان شيئاً: فهو هبة لسيده، وهل يصح قبوله بغير إذن السيد؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ كما لو اشترى شيئاً بغير إذنه: لا يصح.
والثاني: يصح؛ لأنه مجرد اكتساب لا يعقب الضمان؛ كالاحتطاب؛ بخلاف الشراء؛ فإنه يعقب الضمان.
ولا تصح هبة المجهول وما لا يقدر على تسليمه؛ كما لا يصح بيعه.
وتصح هبة المشاع من شريك وغير شريكه، سواء كان مما ينقسم أو لا ينقسم، ويكون قبضه بقبض الكل.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه- لا تصح من غير شريكه، إذا كان مما ينقسم، وكذلك: إذا وهب أرضاً مزروعة دون الزرع، أو وهب الزرع دون الأرض: يجوز.
وعنده: لا يجوز.
ولا تجوز هبة الدين من غير من عليه الدين، ويجوز ممن عليه، وهو إبراء، ثم إن أسقطه بلفظ الإبراء: أسقط من غير قبول ممن عليه؛ هذا هو المذهب؛ لأنه محض إسقاط لا تمليك فيه؛ كالعتق، والطلاق، والعفو عن القصاص يصح من غير قبول.
وذكر ابن سريج وجهاً أنه يشترط القبول في الإبراء؛ كالهبة والوصية.
والأول المذهب.
فعلى هذا: إن أسقطه بلفظ الهبة: يصح، وهل يحتاج إلى القبول؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يحتاج كالإبراء.
والثاني: يحتاج مراعاة للفظ، وكل شرط يفسد البيع: يفسد الهبة؛ فإن وهب بشرط ألا يتصرف فيه، أو إلى مدة، إذا مضت: عاد إليه ونحو ذلك، والمقبوض بحكم الهبة الفاسدة، إذا تلف في يد المتهب: هل يلزمه الضمان؟ فيه قولان:
أحدهما: يلزمه؛ كالمقبوض بحكم البيع الفاسد.
والثاني: لا يضمن؛ لأن الواهب رضي بسقوط ضمانه.
فصلٌ
إذا تصدق على إنسان بشيء: لا يلزم المتصدق عليه أن يثيبه بشيء في الدنيا، إنما الصدقة لثواب الآخرة، أما الهبة المطلقة: هل تقتضي الثواب؟ نظر: إن وهب لمن دونه شيئاً