أو لنظيره: فلا يلزم الثواب؛ لأن الأمير إذا خلع على بعض الرعايا: لا يطمع منه عليه ثواباً؛ وكذلك: الرجل يهب لنظيره شيئاً يقصد به المودة وتأكيد الصداقة لا الثواب.
أما هبة الأدنى من الأعلى: هل تقتضي الثواب؟ فيه قولان:
قال في الجديد- وهو الأصح-: لا تقتضي الثواب؛ كهبة النظير من النظير؛ وهذا لأن الأعيان كالمنافع، ولو أعار داره من إنسان: لا يلزم المستعير شيء، سواء كان مثله أو فوقه.
وقال في القديم: تقتضي الثواب؛ لأن الغالب أن الأدنى يهدي إلى الأعلى لطمع ثواب، فصار كالمشروط.
فإن قلنا: لا تقتضي الثواب: فلو شرط ثواباً مجهولاً: تبطل الهبة، ولو شرط ثواباً معلوماً: فيه قولان:
أحدهما: تبطل؛ لأنه خلاف مقتضى العقد، فعلى هذا يكون حكمه حكم البيع الفاسد في جميع أحكامه.
والثاني: تصح؛ لأنه معاوضة مال بمال؛ كالبيع؛ فعلى هذا: هل يكون ذلك بيعاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: يكون بيعاً؛ اعتباراً بالمعنى؛ حتى يثبت فيه الخيار والشفعة، ويلزم قبل القبض.
والثاني: أنه هبة؛ اعتباراً باللفظ؛ فلا يثبت فيه الخيار، ولا تثبت فيه الشفعة، ولا تلزم قبل القبض؛ فعلى الوجهين جميعاً: لو وهب درهماً بشرط ثواب درهمين: لا يصح، ويكون رباً، وإن قلنا بقوله القديم: إنه يقتضي الثواب: ففي قدره: أربعة أوجه:
أحدها: يلزمه حتى يرضى الواهب؛ والدليل عليه ما روي عن طاوس؛ أن أعرابياً وهب للنبي- صلى الله عليه وسلم- ناقة، فأثابه عليها، فلم يرض فزاده، فلم يرض- حسبت أنه قال: ثلاث مرات، فلم يرض- فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "لقد هممت ألا أتهب إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي،