والكلام فيه في فصلين: في جنايته، وفي جناية غيره عليه.
أما اللقيط إذا جنى- نظر:
إن جنى خطأ: تكون الدية في بيت المال؛ لأنه لا عاقلة له، وماله إذا مات مصروف إلى بيت المال إرثاً؛ فيكون أرش جنايته في بيت المال.
وإن جنى عمداً: فإن كان بالغاً- فعليه القصاص، وإن عفي على الدية: فالدية في ماله، وإن كان مراهقاً: فلا قصاص عليه، بل تجب الدية، وفيه قولان:
أحدهما: عمده خطأ؛ بدليل أنه لا يجب عليه القصاص.
والثاني: عمده عمد؛ لأن القصد يتم منه، وإن لم يجب القصاص؛ لعدم التكليف.
فإن قلنا: عمده خطأ: فتكون الدية مخففة في بيت المال، وإن قلنا: عمده عمد: فتكون مغلظة في ماله، إن كان له مال، وإن لم يكن له مال: فتكون في ذمته إلى أن يجد المال.
أما إذا جني على اللقيط- نظر: إن قتل خطأ: تؤخذ الدية من عاقلة القاتل؛ فتوضع في بيت المال، ولا تكون للملتقط؛ لأن الولاء لا يثبت لغير المعتق، وإن قتل عمداً- فهل للسلطان استيفاء القصاص؟ فيه قولان:
إن جعلناه كالوارث المتعين: يستوفي القصاص؛ وإلا يأخذ الدية، ويجعلها في بيت المال، وإن جني على طرفه: فإن كان خطأ: يأخذ وليه الدية، وينفق عليه، وإن كان عمداً: فإن كان اللقيط صغيراً عاقلاً: فليس لوليه أن يقتص، ولا أن يعفو وإن كان اللقيط معسراً، [بل يؤخر] حتى يبلغ، فيقتص أو يعفو، وإن كان اللقيط مجنوناً- نظر: إن كان موسراً: لا تؤخذ الدية، وينتظر إفاقته؛ كما ينتظر بلوغ الصبي، وإن كان معسراً: فللإمام أن يأخذ الدية، وينفق عليه؛ لأنه ليس لإفاقته أوان منتظر؛ بخلاف الصغير العاقل: فإن لبلوغه أواناً منتظراً؛ فينتظر بلوغه، فإذا عفا الإمام وأخذ الدية، ثم أفاق المجنون، ولم يرض به: هل له أن يرد الدية ويقتص؟ فيه وجهان:
ولو قذف اللقيط محصناً دون البلوغ: يجب عليه الحد، ولو قذفه رجل بعد البلوغ: يجب على القاذف الحد، ولو اختلفا أو قذف مجهول النسب، فاختلفا: فقال القاذف: أنت