أو ما المعروف في مكارم الأخلاق، كل من كان في ذمته حق لله تعالى: من زكاة، أو حج، أو دين لآدمي، أو في يده وديعة -: يجب أن يُوصي به إلى من يقوم بأدائه، ومن كان له مال يملك التصرف فيه-: يستحب أن يوصي في بخير.
وكانت الوصية في ابتداء الإسلام واجبة للأقارب؛ كما قال الله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ١٨] ثم نُسخت بآية الميراث، فالأفضل: أن يبدأ في الوصية بأقاربه الذين لا يرثون، فيبدأ بذي الرحم، ثم بالمحرم بالرضاع، ثم بالمصاهرة، ثم بالولاء، ثم بالجيران، كما في الصدقات.
ولا يجوز أن يُضر بالورثة في الوصية.
ويُكره أن يُوصي بأكثر من الثلث، ولا يُكره الثلث، والمستحب أن ينقص عنه، خصوصاً إذا كانت ورثته فقراء، رُوي عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق، بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت فبشطره؟ قال: لا، قلت: بالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير؛ إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم فقراء يتكففون الناس".
وقال عليٌّ: لأن أوصي بالخمس أحب إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إليَّ من أن أوصي بالثلث، فمن أوصي بالثلث فلم يترك، فلو أن رجلاً أوصى بأكثر من الثلث- نُظِرَ: إن لم يكن له وارث: فالوصية فيما زاد على الثلث باطلة، لأنه لا مُجيز له.