وعند أبي حنيفة: تصح.
فنقول: بيت المال جهة يجب صرف جميع المال إليها عند عدم الوصية، فتنقض الوصية بجميع المال؛ لأجلها قياساً بجهة بيت المال على جهة الدين، وعلى ما إذا كان له عصبة.
وإن كان له وارث -: فهل تصح وصيته فيما زاد على الثلث؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تصح؛ كما لو لم يكن له وارث.
والثاني: تصح؛ لأن له مُجيزاً، وتتوقف على إجازة الوارث، فإن أجاز -: نفذ؛ وإلا بطل، فإن قلنا: تصح-: فإجازة الوارث ابتداء تمليك من جهته حتى يشترط الوارث لفظ الهبة التمليك ومن جهة الموصى له قبول جديد سوى قبول الوصية.
ويشترط التسليم والقبض.
ويشترط في العتق لفظ "الإعتاق"، ويجوز للوارث أن يرجع قبل القبض.
وإن قلنا: تصح الوصية بالزيادة على الثلث-: فإجازة الوارث تنفيذ لما فعله؛ فيجوز بلفظ "الإجازة"، ولا يشترط فيه التسليم والقبض، وإذا أجاز فقبل التسليم رجع -: لم يصح رجوعه.
ويجوز للوارث أن يجبر بعض الزيادة، ويرد البعض، وإن كان جاهلاً بالزيادة، فردها -: يصح، وإن أجاز-: لا تصح على الهالة، سواء عرف قدر التركة، ولم يعرف الوصية أن الزيادة سدس أو ربع، أو عرف الوصية بالحرية، ولم يعرف قدر التركة.
وقيل: تصح فيما تيقن؛ مثل: إن علم أن الزيادة تبلغ سدس المال، وشك في بلوغه الربع: تصح في السدس، فإن أجاز، ثم قال: لم أكن عالماً بقدره -: فالقول قوله مع يمينه، إلا أن يقيم الموصى له بينة على علمه.
ولو أوصى بعبده لإنسان، فأجاز الوارث، ثم قال: أجزت لأني ظننت أن المال كثيرٌ، فبان قليلاً -: هل يقبل قوله؟ فيه قولان:
أحدهما: يُقبل؛ كما في المسألة الأولى.
والثاني: لا يقبل، ويلزم؛ لأنه علم ما أجازه، وفي المسالة الأولى: لم يعلم ما أجازه، ولا حم لرد الوارث وإجازته في حال حياة الموصى، حتى لو أجاز في حياته-: فله أن يرد بعد موته.
ولو أعتق عبداً في مرض موته، لا مال له سواه، ومات عن ابن وبنت، فأجازا: فإن قلنا: إجازة الوارث ابتداء تمليك-: فلابد من لفظ "العتق" منهما، ثم ولاء ثلثه للميت: يرث