المُودعُ: بل أمرتني به-: فالقول قول المالك مع يمينه؛ لأن الأصل أنه لم يأمره فإذا حلف-: ضمن أيهما شاء وأيهما ضمنه- لا رجوع له على الآخر؛ لأنه يقول المالك: ظالم فيما يأخذ مني؛ فلا رجوع له على غير من ظلمه.
ولو قال المالكُ: أمرتُك بالدفع إليه، ولكنك لم تدفع، وكذلك يقول المأمور بالدفع إليه: إنه لم يدفع: فإن قلنا: الإشهاد واجب-: فالمودع ضامن من غير يمين؛ لأنه مفرط بترك الإشهاد، وإن قلنا: لا يجب الإشهاد-: فقد قيل: القول قول المودع مع يمينه؛ لأنه أمين.
والمذهب: أن القول قول المالك مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الدفع.
فإن قلنا: القول قول المالك، فقال الثاني: قد دفع إليَّ، وهلك في يدي-: لا يقبل قوله على المالك، بل يحلف المالك، ويضمن الأول، وإذا اتفقا على أنه دفع إلى الثاني، فادعى الثاني الرد إلى المالك، أو التلف -: قُبِلَ قوله مع يمينه.
هذا إذا عين المالك المدفوع إليه، فإن لم يعين، بل قال: ادفع إلى أمين، فدفع، ثم ادعى الأمين التلف-: قُبل قوله مع يمينه، وإن ادعى الرد إلى المالك-: لا يُقبل بل القول قول المالك مع يمينه؛ لأنه يدعي الرد إلى غير من ائتمنه.
وكذلك: لو أراد المودع سفراً، فوضع الوديعة عند أمين، فادعى الأمين التلف؛ يُقبل.
ولو ادعى الرد إلى المالك: لا يُقبل.
ولو ادعى على رجل وديعة، فأنكر-: فالقول قول المنكر مع يمينه، فلو أقام المدعي البينة، فادعى المودع التلف، أو الرد- ينظر في إنكاره: فإن قال: ما لك عندي شيء، أو لا يلزمني تسليم شيء إليك، فأقام المدعي بينة على الإيداع، فقال المدعى عليه: كنت قد رددتها قبل الإنكار، أو تلف في يدي-: يُقبل قوله مع يمينه؛ لأنه صدف في إنكاره؛ أنه لا شيء ل عندي بعد التلف والرد، وإن قال في الإنكار: ما أودعتني شيئاً، فأقام المدعي بينة على الإيداع، فقال المدعي عليه: صدقت البينة، ولكنها كانت تلفت في يدي، أو رددتها-: لا يقبل قوله؛ لأن قضية قوله:"ما أودعتني": أنه لم يرد إليه شيئاً، ولم يتلف له عنده شيء، فلو أقام بينة على التلف أو الرد قبل الإنكار-: هل يسمع؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسمع؛ لأنه المدعي لو صدقه يسقط عن الضمان؛ فكذلك إذا أقام البينة.