فشك الإمام في بلوغه-: يكشف عن مؤتزره: فإن أنبت فهو بالغ، وألا فهو صبي؛ رُوي عن عطية القُرظي، قال:"عُرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة، فكان من أنبت قُتلن ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنت ممن لم ينبت فخلى سبيله".
فإن وجد واحد قد أنبت فقال: إني لم أبلغ، وأنبت بالعلاج-: قُبِلَ قوله مع يمينه، وإنما قبلنا يمينه، وهو يزعم أنه صبي، والصبي لا يمين له؛ نظراً للمسلمين؛ ليون خولاً لهم، ولأن معه أماره البلوغ، وهو الإنبات، وهذا بخلاف ما لو ادعى على مراهق شيئاً، أو ادعى أنه بالغ، وهو ينكر بلوغه-: لا يحلف لأنه لا دليل على بلوغه، ولو لم يحلف-: لا يثبت عليه شيء، وههنا: إنباته دليل بلوغه، ويحكم [عليه]، لو لم يحلف.
قال أصحابنا: وهذا على قولنا: إن الإنبات في الكفار علامة البلوغ، فإن جعلناه حقيقة البلوغ-: فلا يقبل قوله، ويجري عليه حكم البالغين.
ولو أسلم واحدٌ منهم-: قُبل أن يقع في الأسر-: فهو حُر، وقد أحرز جميع ماله، عقاراً كان أو منقولاً، سواء كان في دار الحرب أو في دار الإسلام، وأحرز أولاده الصغار والمجانين؛ فلايجوز سبيلهم، ويحكم بإسلامهم تبعاً [له]؛ لما رُوي "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر بني قريظة، فأسلم ابنا سعيه: ثعلبة وأُسيدٌ؛ فأحرز لهما إسلامهما أموالهما وأولادهما الصغار".
وهل يحرز ولد ولده؟ فيه وجهان:
وقيل: الوجهان فيما إذا كان أبوه حياً؛ فإن كان أبوه ميتاً-: يحرز، وإن كان له ولد بلغ عاقلاً، ثم جُن-: هل يحرزه؟ فيه وجهان:
الأصح: يحرزه؛ كالذي بلغ مجنوناً.
وعند أبي حنيفة: يُحرز من أمواله المنقول دون العقار.
فأما إذا أسلم واحد منهم بعد ما وقع في الأسر قبل أن يرى الإمام فيهم رأيه-: حَرُمَ قتله.
أما الاسترقاق: فقد قال الشافعي -رضي الله عنه - في كتاب "السير": وإن أسلموا بعد الإسار -: رقوا، اختلف أصحابنا فيه.