الاستحقاق، فإن فضل منه فضل-: رده إلى سائل الأصناف سواء.
وحُكم زكاة الفطر حكم زكاة المال في أنه يجب صرفها إلى هذه الأصناف.
وقال الإصطخري يجوز صرف زكاة الفطر إلى ثلاثة من الفقراء، لأنها قليلٌ، إذا دفع إليهم-: لا تقع منهم موقعاً.
والأول المذهب.
فإن تعذر قسمتها-: يجتمع جماعة يجمعون صدقاتهم، ثم يقسمونها على المستحقين.
وقال أبو حنيفة: يجوز صرف جميع الزكاة إلى صنف واحد، وإلى شخص واحد مع وجود الباقين.
دليلنا: قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ....}[التوبة: ٦٠] الآية أصناف الصدقات إلى ثمانية أصناف بلام التمليك؛ لا يجوز حرمان بعضهم؛ كما لو قال: هذا الثوب لفلان وفلان-: فلا يعطى إلى أحدهما؛ يؤيده أنه قال في آخر الآية:{فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ}[التوبة: ٦٠] وهو يرجع إلى أصل الأداء، وإلى صفة الأداء جميعاً، وإذا اجتمع في شخص واحد سببان للاستحقاق، فهل يُعطى من زكاة مال واحد بالسببين جميعاً؛ اختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: فيه قولان:
أحدهما- وهو قول أبي حنيفة-: يعطى بهما؛ لأن الله تعالى جعل للفقير سهماً، وللغارم سهماً، وهذا فقير غارم.
والثاني: لا يُعطى إلا لسبب واحد، يقال له: اختر أيهما شئت؛ فنعطيك به؛ لأنه شخص واحد؛ فلا يأخذ سهمين من مال واحد، كما لو انفرد بمعنى واحدٍ.
ومن أصحابنا من قال: إن كان السببان من جنس واحدٍ؛ كالفقر والغُرم [إذا كان لمصلحة نفسه].
لا يُعطى بهما؛ لأن الفقير والغارم لمصلحة نفسه-: يستحقان؛ لحاجتهما إلينا؛ وكذلك: الغازي والغارم لإصلاح ذات البين-: يستحقان؛ لحاجتنا إليهما، فإذا اجتمعا في شخص واحدٍ-: لا يعطى بهما.