وإن كان السببان مختلفين بأن كان غازياً غارماً-: يعطى؛ لأن استحقاق الغازي لحاجتنا إليه، واستحقاق الغارم لحاجته إلينا: إذا كان غرمه لمصلحة نفسه؛ كما في الميراث-: إذا اجتمع في شخص واحد جهتا فرض-: لا يعطى بهما، وإذا اجتمع فيه جهة فرض، وجهة تعصيب-: يعطى بهما، وإن كان العامل على الصدقة فقيراً-: هل يُجمع له بين سهم الفقراء وسهم العاملين؟ على قولنا: إنه لا يعطى بسببين-: فيه وجهان، وأصل الوجهين: أن ما يأخذه العامل أجرة عمله أم صدقة؟ فيه وجهان:
أحدهما: أجر عمله؛ لأنه يستحقه بالعمل؛ فعل هذا: يُجمع له بين السهمين.
والثاني صدقة؛ لأن الله تعالى ذكره في المستحقين للصدقة؛ فعلى هذا: لا يُجمع له بينهما.
فصل فيمن يقوم بتفريق زكاته
قال الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ....}[التوبة: ١٠٣] الآية زكاة الأموال الباطنة هي: زكاة الذهب والفضة، وزكاة التجارة، وصدقة الفطر، وحق الركاز-: يجوز لرب المال أن يُفرقها بنفسه، ويجوز أن يدفعها على الإمام؛ لأنه نائب المستحقين، والأفضل-: أن يفرقها بنفسه؛ ليكون على يقين من وصولها إلى المستحقين.
أما زكاة الأموال الظاهرة، وهي: المواشي، والزروع، والثمار، وحق المعيرين-: هل يجوز أن يفرقها بنفسه أم يجب دفعها إلى الإمام؟ فيه قولان:
أصحهما- وهو قوله الجديد-: يجوز أن يفرقها بنفسه؛ كزكاة الأموال الباطنة، إلا أن الأفضل ههنا أن يدفع إلى الإمام.
وقال في القديم- وبه قال أبو حنيفة-: يجب دفعها إلى الإمام؛ حتى لو فرق بنفسه-: لا تُحسب، ويلزمه الضمان؛ لقوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- والخلفاء من بعده كانوا يبعثون السعاة لأخذها.
فإن قُلنا: يجب الدفع إلى الإمام-: فذلك إذا كان الإمام عادلاً، فإن كان جائراً-: هل يجب الدفع إليه؟ فيه وجهان: