يسترد ما دفع إليه- نظر: إن ذكر عند الدفع إليه أنها صدقة واجبة-: تسترد إن كانت قائمة، وإن كانت تالفة-: تسترد قيمتها.
وإن لم يذر أنها صدقة واجبة-: فلا تسترد، وتقع تطوعاً؛ بخلاف الإمام: يسترد، وإن لم يُخبره؛ لأن الظاهر من حاله أنه لا يعطى إلا الزكاة، ورب المال قد يُعطى من ماله الفرض والتطوع وإن لم يخبر-: يحمل على التطوع.
وقال في القديم- وبه قال أبو حنيفة-: يسقط الفرض عنه؛ لأن الغنى لا يخفى، ولايمكن الوقوف عليه؛ كما لو بان من دفع إليه أنه غني.
والأول أصح؛ أنه غير ساقط عنه؛ لأنه كان يمكنه أن يسقط الفرض عنه بيمين؛ بأن يرفعها إلى الإمام، فإذا لم يفعل-: فقد فرط؛ والإمام ليس فوقه من يرفعه غليه، فلم يكن مفرطاً، وكذلك: حكم زكاة الفطر والكفارة، إذا بان أن المدفوع إليه غير مستحق؛ على التفصيل الذي ذكرنا.
فصل في نقل الصدقة
رُوي عن ابن عباس؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً إلى اليمن، فقال:"أعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة أموالهم؛ تؤخذ من أغنيائهم، وترد إلى فقرائهم".
نقل الصدقة من بلد المال إلى بلد آخر عند عدم المستحقين في بلد المال-: فرض، أما عند وجود مستحقين-: هل يجوز النقل أم لا فيه قولان:
أحدهما: يجوز؛ لأن الله تعالى أقام الصدقات للفقراء؛ فلم يخص به فقير بلد المال، وكما قلنا في الكفارة: لايختص أداؤها ببلد الوجوب؛ وهذا قول أبي حنيفة.
والثاني: وهو الأصح-: لا يجوز؛ لحديث معاذٍ؛ حيث قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "تؤخذ من أغنيائهم، وتُرد على فقرائهم"، ولأن صدقة كل قوم تكون لفقراء ذلك القوم، ولأن طمع مساكين البلد قد يستحكم في صدقات أرباب الأموال؛ ففي نقله إيحاشُهُمْ.
ومن أصحابنا من قال- وهو الأصح-: لا يختلف القول أن النقل لا يجوز، والقولان إذا نقل، وأدى هل يسقط الفرض عنه؟ فيه قولان-: أصحهما: لا يسقط، وعليه الإعارة، واختلف أصحابنا في موضع القولين
منهم من قال: القولان فيما إذا نقل إلى مسافة القصر، أما إذا نقل إلى ما دون مسافة