القصر في حكم البلد، فصار كما لو نقل في البلد من محلة إلى محلة: جاز.
ومنهم من قال: سواء قربت المسافة أو بعدت بعد ما أخرجها من البلد؟ فيه قولان، وهو الصحيح، نص عليه في "الأم".
وأما إذا كان البلد فرسخين في فرسخ وأكثر فجميع ما فيها من المساكين سواء في الاستحقاق، فإن كان أطرافها أبعد من بعض القرى؛ فإن قلنا: لا يجوز النقل، فإن كان المال ببلد، والمالك ببلد آخر- نظر:
إن كان عُشر تمر وزرع-: صُرف إلى فقراء بلد الأرض؛ لأن الزرع والتمر قد حصل من ذلك البلد، وإن كان مال التجارة-: صُرفت صدقتها إلى فقراء البلد الذي يحول الحول عليه فيه، وإن حال الحول، وهو في مفازة أو بادية-: صُرف إلى فقراء أقرب البلاد، فإن كانت أمواله ببلدان متفرقة-: صرفت زكاة كل طائفة من المال إلى مساكين البلد الذي به المال، ولا اعتبار للبلد الذي به المالك؛ لأن المساكين مطلعون إلى المال لا إلى المالك.
وفي صدقة الفطر: إن كان هو ببلد وماله ببلدٍ آخر-: فيه وجهان:
أحدهما: تصرف إلى فقراء بلد المال؛ لأن وجوبها بسبب المال.
والثاني: وهو الأصح-: إلى فقراء بلد صاحب المال؛ لأنها صدقة البلد.
وإذا قلنا: إن النقل لايجوز-: فلا تُحلوا أهل الصدقات: إما أن كانوا مقيمين في بلد، أو كانوا أهل بادية، وإن كانوا مقيمين في مصر أو قرية: فإن كان المستحقون فيها محصورين واتسع المال-: يجب أن يُصرف إلى جميعهم، وإن لم يكونوا محصورين: صُرف على بعضهم سواء فيه المستحقون المقيمون، ومن وجد بها من الغرباء: لايجوز الإخراج عنها، وإن نقل- أعاد؛ على الأصح من القولين.
وإذا كان فقراء البلد محصورين-: لا يجب التسوية بينهم وإن وجب تعميمهم؛ بخلاف ما لو أوصى بفقراء بلد نفسه؛ وهو محصورون، تجب التسوية بينهم لأنه ثبت لهم الحق على التعيين؛ بدليل أنه لو لم يكن فيها فقير-: تبطل الوصية، وههنا: لم يثبت لهؤلاء الحق على التعيين؛ بدليل أنه إذا لم يكن في البلد فقير-: ينقل، فمن حيث إنهم محصورون-: يجب تعميمهم، ومن حيث إنه لم يثبت على التعيين؛ إنما تعينوا لعقد غيرهم-: لم يجب التسوية بينهم، وإن لم يكن في البلد مستحقون-: يُنقل إلى بلد آخر، ثم إن كان على أقل من مسافة القصر-: فهو في حكم أهل البلد، لا يُنقل إلى ما فوقها.