أحدهما: أن يكونوا مقيمين في مواضع لا يرحلون عنها، شتاء ولا صيفاً-: فهم كأهل بلدة واحدة.
والثاني: ألا يكونوا مستقرين؛ بل كلما أجدب انتقلوا إلى موضع آخر؛ فهم على ضربين:
أحدهما: قوم أخلاط لا يتميز بعضهم عن بعض، ولا يتفرقون في منزل ورعي، والاعتبار في صدقتهم بالموضع الذي تجب فيه، والجوار في حقهم: أن تجمعهم في موضع لا تقصر إليه الصلاة، وكل من كان على أقل من مسافة القصر من موضع المال-: كان في حكم البلد-: لا ينقل عنهم الصدقة، إلا أن الشافعي- رضي الله عنه- أومأ إلى أنه إذا كان في جوارهم قوم يظعنون بظعنهم، ويقيمون بإقامتهم: أنهم أولى بصدقتهم ممن يفارقهم في الظعن والإقامة من جيرانهم، وهذا على طريق الاستحباب، فأما في الاستحقاق: فالكل سواء، وأن كان أهل البادية يتميز بعضهم عن بعض؛ مثل قبائل العرب: كل جبلة متميزة عن الأخرى-: فاختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: أهل كل قبيلة بمنزلة أهل بلدٍ؛ لا يجوز النقل من قبيلة إلى أخرى؛ لأنهم متميزون.
ومنهم من قال: الكل واحد، وهو كالضرب الأول؛ يُصرف إلى الجوار، وهو من كان على أقل من مسافة القصر.
وإذا عدم بعض الأصناف- نظر:
إن عدم في جميع البلاد؛ كالمؤلفة قلوبهم وغيرهم من الأصناف، إذا عدموا-: تُصرف الزكاة إلى الموجودين منهم؛ كما ذكرنا.
أما إذا عدم في بلد المال، ويوجد في غيره من البلاد: فإن قلنا: نقل الصدقة-: يجوز أن ينقل نصيب الباقين إلى بلدهم، وإذا وُجد في بلد قريب: جاز نقله إلى أبعد.
وإن قلنا: نقل الصدقة لا يجوز-: اختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: يُنقل إلى بلدهم، ولا ترد إلى الأصناف الموجودين في بلد المال؛ لأن حق كل صنف منصوص عليه، وحكم المكان-: ثبت بالاجتهاد، فيقدم ما ثبت بالنص.
والثاني- وهو الأصح- يرد على الأصناف الموجودين في بلد المال، ولا ينقل؛ كما