والنسخ أنواع:
فمنه ما نسخ لفظه وحكمه؛ كـ"عشر رضعات معلومات يحرمن" ومنه ما نسخ لفظه وبقي حكمه؛ نحو: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله".
ومنه ما نسخ حكمه وبقي لفظه كالأمثلة السابقة.
وقد ينسخ قرآن بقرآن أو سُنَّة بسُنَّة أو سُنَّة بقرآن أو قرآن بسُنّة متواترة لا بخبر واحد، ولا نسخ بالعقل ولا بالإجماع؛ لأنه لا يتصور إلا بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا نسخ بعده.
المَصْدَرُ الثَّاني للتَّشريع
السُّنّة النبويّة المطهّرة
السُّنة في اللغة هي الطريقة الحسنة أو السيئة.
والمقصود بها شرعاً ما أثر عنه - صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير.
ويستثنى من ذلك نوعان هما غير داخلين فيما يطلب فيه الاقتداء أو التأسي: أحدهما: ما سار فيه على مقتضى العادة أو الجبلّة؛ كما ترك أكل لحم الضب، وقال: "لم يكن بأرض قومي أجدني أعافه".
وثانيهما: ما قام الدليل على اختصاصه به؛ كحرمة أكل ذي الرائحة الكريهة.
وقد دل القرآن دلالة واضحة على العمل بما جاء في السُّنة المطهرة؛ يقول تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] وقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١].
ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يصدر عنه من قول أو فعل أو تقرير- إلا صادراً عن وحي، إلا أن الوحي قسمان: متلو وهو القرآن، وغير متلو وهو السُّنة.
وقد نرى أقواماً ضلوا الطريق فنبذوا سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقالوا: في كتاب الله تبيان كل شيء، فما حاجتنا للسُنّة؟ ونسي هؤلاء قول الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} [المائدة: ٩٢] وقوله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]. فقد دلت هذه الآيات وغيرها على حُجية السُّنة ووجوب الرجوع إليها والعمل بها.
مَرْتَبَةُ السُّنّةِ في الاحْتِجَاجِ بها
تقع السُنة في المقام الثاني بعد كتاب الله تعالى في درجة الاحتجاج؛ وذلك لأن ثبوت الكتاب قطعي، أما ثبوت السنة في الجملة فهو ظني.