للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوعُ النَّسْخ في السُّنَّةِ

وقع النسخ في السُّنة مثلما وقع في القرآن، ودليلنا على ذلك تشريع حد الخمر؛ فإنه لم يكن شُرِع للخمر أولاً حد، ثم شرع النبي - صلى الله عليه وسلم - الحد، لكن كان أولاً خفيفًا وهو الضرب بأطراف أثوابهم والنعال والأيدي وجريد النخيل، ثم شرع الحد بالجلد، وثبت ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإذا شرب الثانية فاجلدوه، وإذا شرب الثالثة فاجلدوه، وإذا شرب الرابعة فاقتلوه".

لكنه روى أنه لم يقتل أحداً حيث ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بمن شرب الرابعة فلم يكن قتل. تخفيفاً من الله تعالى، فالقتل شرع بالسُّنة ونسخ بها.

شُروطُ العَمَلِ بالسُّنَّةِ

السُّنة التي يعمل بها يجب أن تتوافر فيها عدّة شروط مهمة؛ مثل: أن تكون متواترة، أو صحيحة، أو حسنة، وليس هناك قادح؛ كما إذا خالف الراوي من هو أحفظ منه، أو أتقن، أو أكثر؛ فتكون حينئذٍ شاذة، والشاذ من قبيل الضعيف الذي لا يُحتج به.

والجمهور على وجوب قبول خبر الواحد الثقة الضابط عن مثله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحكى الإجماع عليه في كتاب "جمع الجوامع"، وقد كان العمل بخبر الواحد شائعاً ومستفيضاً في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كان يرسل رسله إلى الآفاق يبلغون أحكام الشريعة وهم فرادى.

بينما اشترط الإمام أبو حنيفة للعمل بخبر الواحد شروطاً ثلاثة:

١ - ألا يكون عمل الراوي مخالفاً لروايته، فالعمل بما رأى لا بما روى؛ لأنه لا يخالفه إلا عن دليل ناسخ.

٢ - ألا يكون فيما تعم به البلوى؛ فإن ما يكون كذلك تتوافر الدواعي على نقله متواتراً؛ ولذلك رد حديث "من مسّ ذكره فليتوضأ".

<<  <  ج: ص:  >  >>