٣ - ألا يكون مخالفاً للقياس على تفصيل عنده، ينبغي الرجوع إليه. واشترط الشافعي للعمل بخبر الآحاد الصحة والاتصال، وطعن في المراسيل، إلا مراسيل ابن المسيب التي وقع الاتفاق على صحتها. كذلك لم يقدم الإمام أحمد على الخبر المرفوع الصحيح عملاً، ور أياً، ولا قياساً، ولا قول صحابي.
ولم يعمل المالكية بما خالف عمل أهل المدينة من أخبار الآحاد.
كِتَابَةُ السُّنَّةِ
من المعلوم أن السنة الشريفة لم تدون في عهد صاحبها - صلى الله عليه وسلم - بصفة مطلقة؛ وذلك لسببين:
١ - أن الأمة العربية كانت أمية، والأمي أقوى على الحفظ من الكتابة، وعلى الحفظ اعتمد جلّ الصحابة الكرام.
٢ - نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابتها؛ مخافة أن يختلط القرآن بالحديث.
ويجب ألا يفهم هذا النهي على إطلاقه؛ لأنه ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - إجازته لبعض الصحابة في كتابتها؛ وعلى هذا يحمل النهي على طائفة مخصوصة وهم كتاب القرآن والوحي دون غيرهم؛ مخافة الخلط بينهما.
ودليل إباحة كتابتها ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله حتى يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اكتب، فوالذي نفسي بيده، ما خرج مِنّي إلا حق".
ومهما يكن من أمر، فإن الذي كتب من السُّنة في عهد الرسول قليل جدًّا، وظل الأمر